كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)
خمسمائة فقال لخالد بن الوليد : يا خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل فقال خالد : أنا سيف الله وسيف رسوله فيومئذ سمي سيف الله يا رسول الله ارم بي إن شئت فبعثه على خيل فلقيه عكرمة في الشعب فهزمه حتى أدخله حيطان مكة فأنزل الله تعالى وهو الذي الآية وفي البحر أن خالدا هزمهم حتى دخلوا بيوت مكة وأسر منهم جملة فسيقوا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فمن عليهم وأطلقهم والخبر غير صحيح لأن إسلام خالد رضي الله تعالى عنه بعد الحديبية قبل عمرة القضاء وقيل بعدها وهي في السنة السابعة
وروي ابن إسحاق وفيره أن خالدا كان يوم الحديبية على خيل قريش في مائتي فارس قدم بهم إلى كراع الغميم فدنا حتى نظر إلى أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عباد بن بشر فتقدم بخيله فقام بإزاره وصف أصحابه وحانت صلاة الظهر فصلى رسول الله عليه الصلاة و السلام بأصحابه صلاة الخوف وعن ابن عباس أن أهل مكة أرسلوا جملة من الفوارس في الحديبية يريدون الوقيعة بالمسلمين فأظهرهم الله تعالى عليهم بالحجارة حتى أدخلوهم البيوت وأنكر بعضهم ذلك والله تعالى أعلم بصحة الخبر
وقيل : كان هذا الكف يوم فتح مكة واستشهذ الإمام أبو حنيفة بما في الآية من قوله تعالى : من بعد أن أظفركم بناء على القول لفتح مكة عنوة واعترض القول المذكور والأستشهاد بالآية بناء عليه أما الأول فلأن الآية نزلت قبل فتح مكة وتعقب بأنه إن أريد أنها نزلت بتمامها قبله فليس بثابت بل بعض الآثار يشعر بخلافه وإلا فلا يفيد مع أنه يجوز أن يكون هذا إخبارا عن الغيب كما قيل ذلك في غيره من بعض آيات السورة وأما الثاني فلأن دلالتها على العنوة ممنوعة فقد قال الزمخشري : الفتح هو الظفر بالشيء سواء كان عنوة أو صلحا والفرق بين الظفر على الشيء والظفر به من حيث الأستعلاء وهو كائن لأنهم اصطلحوا وهم مضطرون ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه مختارون وفيه دغدغة لا تخفى وكذا فيما تعقب به الأول
وبالجملة هذا القول وكذا الأستشهاد بما في الآية بناء غير بعيد إلا أن أكثر الأخبارالصحيحة وكذا ما بعد يؤيد ما قلناه أولا في تفسير الآية وكان الله بما تعملون بعملكم أو بجميع ما تعملونه ومنه العفو بعد الظفر بصيرا
24
- فيجازيكم عليه وقرأ أبو عمر و يعملون بياء الغيبة فالكلام عليه تهديد للكفار
هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام أن تصلوا إليه وتطوفوا به والهدى بالنصب عطف على الضمير المنصوب في صدوكم أي وصدوا الهدى وهو ما يهدي إلى البيت قال الأخفش : الواحدة هدية ويقال للأنثى هدى كأنه مصدر وصف به وفي البحر إسكان داله لغة قريش وبها قرأ الجمهور وقرأ ابن هرمز والحسن وعصمة عن عاصم واللؤلؤي وخارجة عن أبي عمرو وبكر الدال وتشديد الياء وذلك لغة وهو فعيل بمعنى مفعول على ما صرح به غير واحد وكان هذا الهدى سبعين بدنة على ما هو المشهور وقال مقاتل : كان مائة بدنة وقرأالجعفي عن أبي عمرو الهدى بالجر على أنه عطف على المسجد الحرام بحذف المضاف أي ونحر الهدى وقريء بالرفع على إضمار وصد الهدى وقوله سبحانه : معكوفا حال من الهدى على جميع القراآت وقيل : علىقراءة الرفع يجوز أن يكون الهدى مبتدأ والكلام نحو حكمك مسمطا وقوله تعالى : ونحن عصبة على قراءة النصب وهو كما ترى والمعكوف المحبوس يقال : عكفت الرجل عن حاجته حبسته عنها وأنكر أبو علي تعدية عكف وحكاها ابن سيده والأزهري وغيرهما وظاهر ما في الآية