كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)
أنالتعليق راجع إلى دخولهم جميعا وحكى ذلك عن الجبائي وقيل : إنه ناظر إلىالأمن فهو مقدم من تأخير أي لتدخلنه حال كونكم آمنين من العدو إن شاء الله وردهما في الكشف فقال : أما جعله قيد دخولهم بالأسر أو الأمن ففيه أن السؤال بعد باق لأن الدخول المخصوص أيضا خبر من الله تعالى وهو ينافي الشك وليس نظير قول يوسف عليه السلام : ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين إذ لا يبعد أن لا يعرف عليه السلام مستقر الأمر من الأمنأو الخوف فأما أن يؤول بأن الشك راجع إلى المخاطبين أو بأنه تعليم والثاني أولى لأن تغليب الشاكين لا يناسب هذا المساق بل الأمر بالعكس ودفع وروده على الحسين بأن المراد أنه في معنى ليدخلنه من شاء الله دخوله منكم كناية عن أن منهم من لا يدخله لأن أجله يمنعه منه فلا يلزم الرجوع لما ذكر
وقيل : هو حكاية لما قاله ملك الرؤيا له صلى الله عليه و سلم وإليه ذهب ابن كسيان أو لما قاله عليه الصلاة و السلام لأصحابه ورده صاحب التقريب بأنه كيف يدخل في كلامه تعالى ما ليس منه بدون حكاية ودفع بأن المراد أن جواب القسم بيان للرؤيا وقائلها في المنام الملك وفي اليقظة الرسول صلى الله عليه و سلم فهي في حكم المحكي في دقيق النظر كأنه قيل : وهي قول الملك أو الرسول لتدخلن الخ وأنت تعلم أن هذاوإنصحح النظم الكريم لا يدفع البعد وقد اعترض به على ذلك صاحب الكشف لكنه ادعى إن كونه حكاية ما قاله الرسول عليه الصلاة و السلام أقل بعدا من جعله من قول الملك وقال أبو عبيدة وقوم منالنحاة : إن بمعنى إذ وجعلوا منذلك قوله تعالى : وأنتمالأعلون إن كنتم مؤمنين وقوله صلى الله عليه و سلم في زيارة القبور : أنتم السابقون وأناإن شاء الله بكم لاحقون والبصريون لا يرتضون ذلك وقوله تعالى : محلقين رءوسكم ومقصرين حالكآمنينمن الواو المحذوفة لالتقاء الساكنين من قوله تعالى : لتدخلن إلا أن آمنين حال مقارنة وهذا حالمقدرة لأن الدخول في حالالأحرام لا في الأحرام الحلق والتقصير وجوز أن يكون حالا من ضمير آمنين والمراد محلقا بعضكم رأس بعض ومقصرا آخرون ففي الكلام تقدير أو فيه نسبة ما للجزء إلى الكل والقرينة عليه أنه لا يجتمع الحلق وهو معروف والتقصير وهو أخذ بعض الشعر فلا بد من نسبة كل منهمالبعض منهم وقوله تعالى : لا خافون حالمن فاعل لتدخلن أيضا لبيان الأمن بعد تمام الحج و آمنين فيما تقدم لبيان الأمن وقت الدخول فلا تكرار أو حال من الضمير المستتر في آمنين فإن أريد به معنى آمنين كان حالا مؤكدة وإن أريد لا تخافون تبعة في الحلق أو التقصير ولا نقص ثواب فهو حال مؤسسة ولا يخفى الحالإذا جعل حالا منالضمير في محلقين أو مقصرين وجوز أن يكوناستئنافا بيانيا في جواب سؤال مقدر كأنهقيل : فكيف الحال بعد الدخول فقيل : لا تخافون أي بعد الدخول
واستدل بالآية علىالحلق غير متعين في النسك بل يجزيء عنه التقصير وظاهر تقديمه عليه أنه أفضل منه وهو الذي دلت عليه الأخبار في غير النساء أخوج الشيخان وأحمد وابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اللهم اغفر للمحلقين قالوا : يا رسول الله والمقصرين قال : اللهم اغفر للمحلقين ثلاثا قالوا : يا رسول الله والمقصرين قال : والمقصرين وأما في النساء فقد أخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ليس على النساء حلق وإنما على النساء التقصير والسنة في الحلق أن