كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)
كون الكفار مستيقنين بالآخرة ومتحققين كون الوعد منه عز و جل بعيد وضمير منهم لمن عاد عليه الضمائر السابقة و من للبيان مثلها في قوله تعالى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان وليس مجيئها كذلك مخصوصا بما إذا كانت داخلة على ظاهر كما توهم صاحب التحفة الأثني عشرية في الكلام على قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض فقال : حمل من للبيان إذا كان داخلا على الضمير مخالف لاستعمال العرب وأنكر ذلك عليه صاحب الترجمة لكن قال : لو ادعى هذات الخلاف في ضميري الخطاب والتكلم لم يبعد
ومن مجيئها للبيان داخلة على ضمير الغائب قوله تعالى : لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عند القائلين بأن ضمير تزيلوا للمؤمنين لا للتبعيض كما يقوله الشيعة الزاعمون ارتداد أكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أهل بيعة الرضوان وغيرهم فإنمدحهم السابق بما يدل على الأستمرار التجدي كقوله تعال : تراهم ركفا سجدا ووصفهم بما يدل على الدوام والثبات كقوله سبحانه : والذين معه أشداء على الكفار يأبى التبعيض والأرتداد الذين زعموه عند من له أدنى إنصاف وشمة من دين ويزيد زعمهم هذا سقوطا عن درجة الأعتبار أن مدحهم ذاك قد كتبه الله تعالى في التوراة قبل أن يخلق السماوات والأرض ولا يكاد عاقل يقبل أنه تعالى أطلق المدح وكتبه لأناس لم يثبت الصفة إلا قليل منهم وإذا قلنا : إن هؤلاء الممدوحين هم أهل بيعة الرضوان الذين بايعوه عليه الصلاة و السلام في الحديبية كما يشعر به والذين معه لا سيما على القول بأن السورة بتمامها نزلت عند منصرفه عليه الصلاة و السلام من الحديبية قبل أن يتفرقوا عنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان سقوط ذلك الزعم أبين وأبين لأن الأرتداد الذي يزعمونه كان لترك مبايعة علي كرم الله تعال وجهه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم مع العلم بالنص عل خلافته بزعمهم ومبايعة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وكيف يكون ذاك ارتداد واتلله عز و جل حين رضي عنهم علم أنهم يفعلونه والقول بأنه سبحانه إنما رضي عن مبايعتهم أو عنهم من حيث المبايعة ولم يرض سبحانه عنهم مطلقا لأجلها خلاف ظاهر الآية والظاهر ما نفي ولا يعكر عليه صدور بعض المعاصي من بعضهم بعد وإنما يعكر صدور ما لا يجامع الرضا أصلا كالأرتداد والعياذ بالله تعال وبالجملة جعل من للتبعيض ليتم للشيعة ما زعموه يأباه الكتاب والسنة وكلام العترة وفي التحفة الأثني عشرية من ذلك ما تنشرح له الصدور وتزداد قلوب المؤمنين نورا عل نور ويا سبحان الله أين جعل من للتبعيض من دعو الأرتداد ولكن من يضلل الله فما له من هاد وتأخير منهم هنا عن عملوا الصالحات وتقديم منكم عليه في ية النور التي ذكرناها نفا لأن عمل الصالحات لا ينفك عنهم وذلك ثمت لبيان الخلفاء والعمل الصالح ليس موقوفا عليه لاستمرار صحة خلافتهم حت لا ينعزلوا بالفسق وقال ابن جرير : منهم يعني الشطء الذي أخرجه الزرع وهم الداخلون في الأسلام إل يوم القيامة فأعاد الضمير عل معن الشطء وكذلك فعل البغوي ولا يخفى بعده
هذا وفي المواهب أن الإمام مالكا قد استنبط من هذه الآية تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله تعالى عنهم فإنهم يغيضونهم ومن غاظه الصحابة فهو كافر ووافقه كثير من العلماء انتهى وفي البحر ذكر عند مالك رجل ينتقص الصحابة فقرأ مالك هذه الآية فقال : من أصبح من الناس في قلبه غيظ من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية ويعلم تكفير الرافضة بخصوصهم وفي كلام عائشة