كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

يقال : أزرته أي شددت أزاره ويقال : آزرت البناء وأزرته قويت أسافله وتأزر النبات طال وقوي
وذكر غير واحد أنه إما من المؤازرة بمعنى المعاونة أو من الإيزار وهي الأعانة وفي البحر آزر أفعل كما حكى عن الأخفش وقول مجاهد وغيره فاعل خطأ لأنه لم يسمع في مضارعه إلا يؤزر على وزن يكرم دون يوازر وتعقب بأن هذه شهادة نفي غير مسموعة على أنه يجوز أن يكون ورد من بابين واستغنى بأحدهما عن الآخر ومثله كثير من أن السرقسطي نقله عن المارني لكنه قال : يقال آزر الشيء غيره أي ساواه وحاذاه وأنشد لامريئ القيس
بمحنية قد آزر الضال نبتها بحر جيوش غانمين وخيب وجعل ما في الآية من ذلك وهو مروي أيضا عن السدي قال : آزره صار مثل الأصل في الطول والجمهور على ما نقل أولا والضمير في آزره للشطء والمنصوب للزرع أي فقوي ذلك الشطء الزرع والظاهر أن الأسناد في أخرج وآرز مجازي وكون ذلك من الأسناد إل الموجب وهو حقيقة عل ما ذهب إليه السالكوتي في حواشيه عل المطول حيث قال في قولهم : سرتني رؤيتك هذا القول مجاز إذا أريد منه حصول السرور عند اتلرؤية أما إذا أريد منه أن الرؤية موجبة للسرور فهو حقيقة لا يخف حاله وقرأ ابن ذكواه فأزره ثلاثيا وقريء فأزره بشد الزاي أي فشد أزره وقواه فاستغلظ فصار من الدقة إل الغلظ وهو من باب استنوق الجمل ويحتمل أن يراد المبالغة في الغلظ كما في استعصم ونحوه وأوثر الأول لأن المساق بنبيء عن التدرج فاستو عل سوقه فاستقام على قصبه وأصوله جمع ساق نحو لابة ولوب وقارة وقور وقرأ ابن كثير سوقه بإبدال الواو المضموم ما قبلها همزة قيل : وهي لغة ضعيفة ومنذلك قوله :
أحب المؤقدين إل موس
يعجب الزراع بقوته وكثافته وغلظه وحسن منظره والجملة في موضع الحال أي معجبا لهم وخصهم تعال بالذكر لأنه إذا أعجب الزراع وهم يعرفون عيوب الزرع فهو أحر أن يعجب غيرهم وهنا تمك المثل وهو ضربه الله تعال للصحابة رضي الله تعالى عنهم قلوا في بدء الأسلام ثم كثروا واستحكموا فترق أمرهم يوما فيوما بحيث أعجب الناس وهذا ما اختاره بعضهم وقد أخرجه ابن جرير وابن المنذر وعن الضحاك وابن جرير وعبد بن حميد عن قتادة وذكرا عنه أنه قال أيضا : مكتوب في الأنجيل سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وفي الكشاف هو مثل ضربه الله تعال لبدء ملة الأسلام وترقيه في الزيادة إل أن قوى واستحكم لأنالنبي صلى الله عليه و سلم قام وحده ثم قواه الله تعالى بمن معه كما يقوي الطاقة الأولى ما يحتف بها مما يتولد منها وظاهره أن الزرع هو النبي صلى الله عليه و سلم والشطء أصحابه رضي الله تعالى عنهم فيكون مثلا له عليه الصلاة و السلام وأصحابه لا لأصحابه فقط كما في الأول ولكن وجهة وروي الثاني عن الواقدي وفي خبرأخرجه ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس ما يقتضيه
وقوله تعال : ليغيظ بهم الكفار عة لما يعرب عنه الكلام من إيجاده تعال لهم على الوجه الذي تضمنه التمثيل وظاهر كلام بعضهم أنه علة للتمثيل وليس بذاك وقيل : علة لما بعده من قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا وعمكلوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما
29
- فإن الكفار إذا سمعوا بما أعد الله تعالى للمؤمنين في الآخرة مع ما لهم في الدنيا من العزة غاظهم ذلك وهو مع توقف تماميته بحسب الظاهر على

الصفحة 128