كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)
رضي الله تعالى عنها ما يشير إليه أيضا فقد أخرج الحاكموصححه عنها في قوله تعالى : ليغيظ بهم الكفار قالت : أصحاب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أمروا بالأستغفار لهم فسبوهم وعنبعض السلف جعل جمل الآية كل جملة مشيرة إلىمعين منالصحابة رضي الله تعالى عنهم فعن عكرمة أنه قال : أخرج شطأه بأبيبكر فآزره بعمر فاستغلظ بعثمان فاستوى على سوقه بعلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين
وأخرج ابن مردويه والقاضي أحمد بن محمد الزهري في فضائل الخلفاء الأربعة والشيرازي في الألقاب عن ابن عباس محمد رسول الله والذين معه أبو بكر أشداء على الكفار عمر رحماء بينهم عثمان تراهم ركعا سجدا علي كرم الله تعالى وجهه يبتغون فضلا من الله ورضوانا طلحة والزبير سيماهم في وجوههم من أثر السجود عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح ومثلهم في الأنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره بأبيبكر فاستغلظ بعمر فاستوى على سوقه بعثمان يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار بعلي كرم الله تعالى وجهه وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات جميع أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عنه رضي الله تعالى عنه أيضا في قوله تعالى : كزرع قال : أصل الزرع عبد المطلب أخرج شطأه محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فآزره بأبي بكر فاستغلظ بعمر فاستوى على سوقه بعثمان ليغيظ بهم الكفار بعلي رضي الله تعالى عنه وكل هذه الأخبار لم تصح فيما أرى ولا ينبغي تخرج ما في الآية عليها وأعتقد أن لكل من الخلفاء رضي الله تعالى عنهم الحظ الأوفى مما تضمنته ومتى أريد بالزرع النبي عليه الصلاة و السلام كان حظ علي كرم الله تعالى وجهه من شطأه أوفى منحظ سائر الخلفاء رضي الله تعالى عنه ولعل مؤازرته ومعاونته البدنية بقتل كثير من الكفرة أعدائه عليه الصلاة و السلام أكثر من مؤازرة غيره من الخلفاء أيضا ومع هذا لا ينخدش ما ذهب إليه محققوا أهل السنة والجماعة في مسئلة التفضيل كما لا يخفى على النبيه النبيل فتأمل والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل
ومن باب الإشارة في بعض الآيات إنا فتحنا لك فتحا مبينا يشير عندهمإلى فتح مكة العماء بإدخال الأعيان الثابتة ظاهرة بنور الوجود فيها أي إظهارها للعيان لأجله عليه الصلاة و السلام على أن لام لك للتعليل وحاصله أظهرنا العالم لأجلك وهو في معنى ما يرونه من قوله سبحانه : لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك وقيل : يشير إلى فتح باب قلبه عليه الصلاة و السلام إلى حضرة ربوبيته عز و جل بتجلي صفات جماله وجلاله وفتح ما انغلق على جميع القلوب من الأسرار وتفصيل شرائع الأسلام وغير ذلك من فتوحات قلبه صلى الله عليه و سلم ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ليستر وجودك في جميع الأزمنة بوجوده جل وعلا ويتم نعمته عليك بإثبات جميع حسنات العالم في صحيفتك إذ كنتالعلة في إظهاره ويهديك صراطا مستقيما بدعوةالخلق على وجه الجمع والفرق وينصرك الله على النفوس الأمارة ممن تدعوهم إلى الحق نصرا عزيزا قلما يشبهه نصر ومن هنا كان صلى الله تعالى عليه وسلم أكثر الأنبياء عليهم السلام تبعا وكان علماء أمته كأنبياءبني إسرائيل إلى غير ذلك مما حصل لأمته بواسطة تربيته عليه الصلاة و السلام لهم وإفاضة الأنوار والأسرار على نفوسهم وأرواحهم والمراد ليجمع لك هذه الأمورفلا تغفل هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين فسروها بشيء يجمع نورا وقوة وروحا بحيث يسكن إليه ويتسلى به الحزين والضجر ويحدث عنده القيام بالخدمة