كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)
ومحاسبة النفس وملاطفة الخلق ومراقبة الحق والرضا بالقسم والمنع من الشطح الفاحش وقالوا : لا تنزلالسكينة إلا في قلب نبي أو ولي ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم فيحصل لهمالإيمان العياني والإيمان الأستدلالي البرهاني إنا أرسلناك شاهدا على جميع المخلوقات إذ كنت أول مخلوق ومنهنا أحاط صلى الله عليه و سلم علما بما لم يحط به غيره من المخلوقات لأنه عليه الصلاة و السلام شاهد خلق جميعها ومن هذا المقام قال عليه الصلاة و السلام : كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد ومبشرا ونذيرا إذ كنتأعلم الخلق بصفات الجمال والجلال إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يشير عندهم إلى كمال فناء وجوده صلى الله عليه و سلم وبقائه عز و جل وأيد ذلك بقوله سبحانه : يد الله فوق أيديهم سيقول لك المخلفون المتخلفون عن السير إلى قتال الأنفس الأمارة من الأعراب من سكان بوادي الطبيعة شغلتنا أموالنا وأهلونا العوائق والعلائق فاستغفر لنا اطلب من الله عز و جل ستر ذلك عنا ليتأتى لنا السير يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم لتمكن حب ذلك في قلوبهم وعدم استعدادهم لدخول غيره فيها : رضوا بالأماني وابتلوا بحظوظهم وخاضوا بحار الحب دعوى فما ابتلوا قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا أي هاتيك العوائق والعلائق لا تجديكم شيئا بل كان الله بما تعملون خبيرا فيجازيكم عليها حسبما تقتضي الحكمة بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم بل حسبتم أن لا يرجع العقل والقوى الروحانية من السالكين السائرين إلى جهاد النفس وطلب مغانم التجليات والأنس إلى ما كانواعليه من إدراك المصالح وتدبير حال المعاش وما تقتضيه هذه النشأة وظنهم ظن السوء بالله تعالى وشؤنه عز و جل وكنتم في نفس الأمر قوما بورا هالكين في مهالك الطبيعة وسوء الأستعداد سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها وهي مغانم التجليات ومواهب الحق لأرباب الحضرات ذرونا نتبعكم دعونا نسلك مسلككم لننال منالكم يريدون أن يبدلوا كلام الله في حقهم من حرمانهم المغانم لسوء استعدادهم قل لن تتبعونا كذلكم قال الله حكم وقضى من قبل إذ كنتم في عالم الأعيان الثابتة فسيقولون منكرين لذلك بل تحسدوننا ولهذا تمنعوننا عن الأتباع بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا ولذلك نسبوا الحسد وهو من أقبح الصفات إلى ذوي النفوس القدسية المطهرة عن جميع الصفات الردية قل للمخلفين من الأعراب ستدعون ولا تتركون سدى إلى قوم أولي بأس شديد وهم النفس وقواها وتقاتلونهم أو يسلمون ينقادون لحكم رسول العقل المنزه عن شوائب الوهم فإن تطيعوا الداعي يؤتكم الله أجرا حسنا من أنواع المعارف والتجليات وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما وهو عذاب الحرمان والحجاب ليس على الأعمى وهو من لم ير في الدار غيره ديارا حرج في ترك السلوك والجهاد المطلوب منكم لأنه وراء ذلك ولا على الأعرج وهو من فقد شيخا كلاما سالما عن عيب في كيفية التسليك والإيصال حرج في ترك السلوك أيضا وهو إشارة إلى ما قالوا من أن ترك السلوك خير من السلوك على يد ناقص ولا على المريض بمرض العشق والهيام حرج في ذاك أيضا لأنه مجذوب والجذبة خير من السلوك لقد رضي الله عنها المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة يشير إلى المعاهدين على القتل بسيف المجاهدة تحت سمرة الأنفراد عن الأهل والمال ويقال في أكثر الآيات الآتية نحو هذا محمد رسول الله والذين معه أشداء على اتلكفار أعداء الله عز و جل في مقام الفرق رحماء فيما بينهم لقوة مناسبة بعضهم