كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

شيئا حتى يقصه على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وجعل مؤيدا لكلام ابن عباس أيضا وفسر التقدم بين يدي الله تعالى لأن التقدم بين يدي الرسول عليه الصلاة و السلام مكشوف المعنى ثم إن كل ذلك من باب بيان حاصل المعنى في الجملة
وفي الدر المنثور بعد ذكر المروي عن مجاهد حسبما ذكرنا قال الحافظ : هذا التفسير على قراءة تقدموا بفتح التاء والدال وهي قراءة لبعضهم حكاها الزمخشري وأبو حيان وغيرهما وكأن ذلك مبني على أن تقدموا على هذه القراءة من قدم كعلم إذا مضى في الحرب ويأتي من باب نصر أيضا إذ الأفتيات وهو السبق دون ائتمار من يوتمر أنسب بذلك
واختار بعض الأجلة جعله من قدم من سفره من باب علم لا غير كما يقتضيه عبارة القاموس وعليه يكون قدم شبه تعجيلهم في قطع الحكم في أمر من أمور الدين بقدوم المسافر من سفره إيذانا بشدة رغبتهم فيه نحو وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا واختلف في سبب النزول فأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه : أمر القعقاع بن معبد وقال عمر رضي الله تعالى عنه : بل أمر الأقرع ابن حابس فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه : ما أردت إلا خلافي فقال عمر رضي الله تعالى عنه : ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله حتى انقضت الآية وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن أن أناسا ذبحوا قبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم النحر فأمرهم عليه الصلاة و السلام أن يعيدوا ذبحا فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا الخ وفي الكشاف عنه أن أناسا ذبحوا يوم الأضحى قبل الصلاة فنزلت وأهرهم صلى الله عليه و سلم أن يعيدوا ذبحا آخر والأول ظاهر في أن النزول بعد الأمر والذبح قبل الصلاة يستلزم الذبح قيل رسول الله عليه الصلاة و السلام لأنه صلى الله عليه و سلم كان ينحر بعدها كما نطقت به الأخبار وإلى عدم الأجزاء قبل ذهب الإمام أبو حنيفة والأخبار تؤيده وأخرج الشيخان والترمذي وأبو داود والنسائي عن البراء قال : ذبح بردة ابن نيار قبل الصلاة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أبدلها فقال : يا رسول الله ليس عندي إلا جذعة فقال صلى الله عليه و سلم : اجعلها مكانها ولن تجزي عن أحد بعدك وفي رواية أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال : أول ما تبدأ به في يومنا هذا نصلي ثم نرجع فننحر فمن ذلك فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء وكان أبو بردة بن نيار قد ذبح قبل الصلاة الحديث وفي السئلة كلام طويل محله كتب الفروع فراجعه إن أردته وعن الحسن أيضا لما استقر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة أتته الوفود من الآفاق فأكثروا عليه بالمسائل فهوا أن يبتدءوه بالمسئلة حتى يكون عليه اتلصلاة والسلام المبتديء وأخرج ابن جرير وغيره عن قتادة قال : ذكر لنا أن ناسا كانوا يقولون : لو أنزل في كذا وكذا لكان كذا زكذا فكره الله تعالى ذلك وقدم فيه
وقيل : بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى تهامة سرية سبعة وعشرين رجلا عليهم المنذر بن عمرو الساعدي فقتلهم بنو عامر وعليهم عامر بن الطفيل إلا ثلاثة نفر نجوا فلقوا رجلين من بني سليم قرب المدينة فاعتزيا لهم إلى بني عامر لأنهم أعن من سليم فقتلوهما وسلبوهما ثم أتوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : بئسما صنعتم كانا من سليم أي كانا من أهل العهد لأنهم كانوا معاهدين والسلب ما كسوتهما فوداهما

الصفحة 133