كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

: منهم ثابت بن قيس بن شماس إن الذين ينادونك من وراء الحجرات من خارجها خلفها أو قدامها عل أن وراء من المواراة والأستثناء فما استتر عنك فهو وراء خلفا كان أو قداما كان إذا لم تره فإذا رأيته لا يكون وراءك فالوراء بالنسبة إل من في الحجرات كا كان خارجها لتواريه عمن فيها وقال بعض أهل اللغة غن وراء من الأضداد فهو مشترك لفظي عليه ومشترك معنوي على الأول وهو الذي ذهب إليه الآمدي وجماعة
و الحجرات جمع حجرة على وزن فعلة بضم الفاء وسكون العين وهي القطعة من الأرض المحجورة أي الممنوعة عن الدخول فيها بحائط وتسمى حظيرة الأبل وهي ما تجمع فيه وتكون محجورة بحطب ونحوه حجرة أيضا فهي بمعنى اسم المفعول كالغرفة لما يغرف باليد من الماء وفي جمعها هنا ثلاثة أوجه ضم العين اتباعا للفاء كقراءة الجمهور وفتحها وبه قرأ أبو جعفر وشيبة وتسكينها للتخفيف وبه قرأ ابن أبي عبلة
وهذه الأوجه جائزة في جمع كل اسم جامد جاء على هذا الوزن والمراد حجرات نسائه عليه الصلاة و السلام وكانت تسعة لكل منهم حجرة وكانت كما أخرج ابن سعد عن عطاء الخراساني من جرد النخل على أبوابها المسوح من شعر أسود وأخرج البخاري في الأدب وابن أبي الدنيا والبيهقي عن داود بن قيس قال : رأيت الحجرات من جريد النخل مغشي من خارج بمسوح الشعر وأظن عرض البيت من باب الحجرة إلى باب البيت ست أو سبع أذرع وأحرز الببت الداخل عشرة أذرع وأظن السمك بين الثمان والسبع
وأخرجوا عن الحسن أنه قال : كنت أدخل بيوت أزواج النبي صلى الله عليه و سلم في خلافة عثمان بن عفان فأتناول سقفها بيدي وقد أدخلت في عهد الوليد بن عبد الملك بأمره في مسجد الرسول عليه الصلاة و السلام وبكى الناس لذلك وقال سعيد بن المسيب ومئذ : والله لوددت أنهم تركوها على حالها لينشو أناس من أهل المدينة ويقدم القادم من أهل الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ف حياته فيكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر فيها وقال نحو ذلك أبو إمامة بن سهل بن حنيف وفي ذكر الحجرات كناية عن خلوته عليه الصلاة و السلام بنسائه لأنها معدة لها ولم يقل : حجرات نسائك ولا حجراتك توقيرا له صلى الله تعالى عليه وسلم وتحاشيا عما يوحشه عليه الصلاة و السلام ومناداتهم من ورائها إما بأنهم أتوها حجرة حجرة فنادوه من وراءها فيكون القصد إلى الأستغراق العرفي إلى جميع حجرات نسائه صلى الله عليه و سلم أو بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له عليه الصلاة و السلام عل أن الأستغراق إفرادي لا شمولي مجموعي ولا أنه من مقابلة الجمع المقتضية لانقسام الآحاد عل الآحاد لأن من ناداه صلى الله عليه و سلم من وراء حجرة منها فقد ناداه من وراء الجميع عل ما قيل وعل هذا يكون إسناد النداء من إسناد فعل الأبعاض إل الكل وقيل : إن الذي ناد رجل واحد كما هو ظاهر خبر أخرجه الترمذ وحسنه وجماعة عن البراء بن عازب وما أخرجه أحمد وابن جرر وأبو القاسم البغو والطبران وابن مردوه بسند صحيح من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس أنه أت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : يا محمد اخرج إلينا فلم يجبه عليه الصلاة و السلام فقال : يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين فقال : ذاك الله فأنزل الله تعال إن الذين ينادونك الخ وعليه يكون الإسناد إل الكل لأنهم رضوا بذلك وأمروا به أو لأنه وجد فيما بينهم وظاهر الآية أن المناد جمع وكذا جمع من الأخبار وسنذكر إن شاء الله تعال بعضا منها وحمل

الصفحة 139