كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

الحجرات عل الجمع الحقيقي هو الظاهر الذي عليه غير واحد مكن المفسرين وجوز كون الحجرة واحدة وهي التي كان فيها الرسول عليه الصلاة و السلام وجمعت إجلالا له صلى الله تعالى عليه وسلم على أسلوب حرمت النساء سواكم وأيضا لأن حجرته عليه الصلاة و السلام لأنها أم الحجرات وأشرفها بمنزلة الكل على نحو أحد الوجهين في قوله تعال : ومن أظلم ممن منع مساجد الله
وفرق الزمخشري بين من وراء الحجرات بإثبات من وراء الحجرات بإسقاطها بأنه على الثاني يجوز أن يجمع المنادي والمنادى الوراء وعلى الأول لا يجوز ذلك وعلله بأن الوراء يصير بدخول من مبتدأ الغاية ولا يجتمع على الجهة الواحدة أن تكون مبتدأ ومنتهى لفعل واحد واعترضه في البحر بأنه قد صرح الأصحاب في معاني من أنها تكونلابتداء الغاية وانتهائها في فعل واحد وأن الشيء الواحد يكون محلا لهما ونسبوا ذلك إلى سيبويه وقالوا : إن منه قولهم : أخذت الدرهم من زيد فزيد محل لابتداء الأخذ منه وانتهائه معا قالوا ك فمن تكون في أكثر المواضع لابتداء الغاية فقط وفي بعض المواضع لابتداء الغاية انتهائها معا
وصاحب التقريب بقوله : فيه نظر لأن المبدأ والمنتهي إما المنادى والمنادى على ما هو التحقيق أو الجهة فإن كان الأول جاز أن يجمعها الوراء في إثبات من وفي إسقاطها لتغاير المبدأ والمنتهى وإن كان الثاني فالجهة إما ذات أجزاء أو عديمتها فإن كان الأول جاز أن يجمعهما في إثبات من أيضا باعتبار أجزاء الجهة وإن كان الثاني لم يجز أن يجمعهما لا في إثبات من ولا في إسقاطها لاتحاد المورد ورد الأول بأن محل الأنتهاء هو المتكلم ليس إلا كما ذكره ابن هشام في المغنى وذكر أن ابن مالك قال إن من في المثال للمجاوزة والثاني غير قادح في الفرق على ما ذكره صاحب الكشف قال : الحاصل أن المبدأ الجهة باعتبار تلبسها بالفاعل لأن حرف الأبتداء دخل على الجهة والفعل مما ليست المسافة داخلة في مفهومه فيعتبر الأمران تحقيقا لمقتضى الفعل والحرف ولما أوقع جميع الجهة مبدأ لم يجز أن يكون منتهى سواء كان منقسما أو لا ثم لما كان الوراء مبهما لم يكن مثل سرت من البصرة إلى جامعها إذ لا يتعين بعضها مبدأ وبعضها منتهى على أن ذلك أيضا إذا أطلق يجب أن يحمل على أن المنتهى غير البصرة أما إذا عينت فيجوز مع تجوز والأصل عدمه إلا بدليل ثم هذا الجواز فيما كانت النهاية مكانا أيضا أما إذا اعتبرت باعتبار التلبس بالمفعول فلا وإذا لم يذكر حرف الأبتداء لم يؤد هذا المعنى
فهذا فرق محقق ومنه يظهر أن المذكور في التقريب من النظر غير قادح وما ذكر من أن التحقيق أن الفعل يبتديء من الفاعل وينتهي إلى المفعول ويقع في الظرف وأن من وراء الحجرات ووراءها كلاهما ظرف كصليت من خلف الإمام وخلفه ومن قبل اليوم وقبله ومعنى الأبتداء محقق والفرق تعسف ظاهر في أن من زائدة لا فرق بين دخولها وخروجها وهو خلاف الظاهر وإلا لما اختلفوا في زيادتها في الأثبات لشيوع نحو هذا الكلام فيما بينهم ومتى لم تكن زائدة فلا بد من الفرق بين الكلامين لا سيما إذا كانا من كلامه عز و جل فتدبر والتعبير عن النداء بصيغة المضارع مع تقدمه على النزول لاستحضار الصورة الماضية لغرابتها
والموصول اسم إن وجملة قوله تعالى : أكثرهم لا يعقلون
4
- خبرها وتكرار الأسناد للمبالغة والمراد أنهم لا يجرون على مقتضى العقل من مراعاة الأدب لا سيما مع أجل خلق الله تعالى وأعظمهم عنده سبحانه صلى الله عليه و سلم وكثيرا ما ينزل وجود الشيء منزلة عدمه لمقتض والحكم على الأكثر دون الكل بذلك لأن منهم من لم يقصد ترك الأدب بل نادى لأمر ما على ما قيل وجوز أن يكون المراد بالقلة التي يدل عليها نفي الكثرة

الصفحة 140