كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

مخرج في صحيح اليخاري أيضا قال الشريف السمهودي : ومعلوم أن أولادها بضعة منها فيكونون بواسطتها بضعة منه صلى الله عليه و سلم وهذا غاية الشرف لأولادها وعدم انقطاع نسبه صلى الله تعالى عليه وسلم أيضا في حديث أخرجه ابن عساكر عن عمر رضي الله تعالى عنه مرفوعا بلفظ كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلى نسبي وصهري والذهبي وإن تعقبه بقوله : فيه ابن وكيع لا يعمد لكن استدرك ذلك بأنه ورد فيه مرسل حسن ويعلم مما ذكر ونحوه كما قال المناوي عظيم نفع الأنساب إليه صلى الله تعالى عليه وسلم ولا يعارضه ما في أخبار أخر من حثه عليه الصلاة و السلام لأهل بيه على خشية الله تعالى واتقائه سبحانه وأنه عليه الصلاة و السلام لا يغني عنهم من الله تعالى شيئا حرصا على إرشادهم وتحذيرا لهم من أن يتكلموا على النسب فتقصر خطاهم عن اللحوق بالسابقين من المتقين وليجتمع لهم الشرفان شرف التقوى وشرف النسب ورعاية المقام التخويف خاطبهم عليه الصلاة و السلام بقوله : لا أغني عنكم من الله شيئا والمراد لا أغني عنكم شيئا بمجرد نفسي من غير ما يكرمني الله تعالى به من نحو شفاعة فيكم ومغفرة منه عالى لكم وهو عليه الصلاة و السلام لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا إلا بتمليك الله تعالى والله سبحانه يملكه نفع أمته والأقربون أولى بالمعروف
فعلى هذا لا بأس بقول الرجل : أنا من ذرية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على وجه التحدث بالنعمة أو نحو ذلك من المقاصد الشرعية وقد نقل المناوي عن ابن حجر أنه قال نهيه صلى الله تعالى عليه وسلم عن التفاخر بالأنساب موضعه مفاخرة تقتضي تكبرا واحتقار مسلم وعلى ما ذكرناه أولا جاء قوله عليه الصلاة و السلام إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل الحديث وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب إلى غير ذلك ومع شرف الأنتساب إليه عليه الصلاة و السلام لا ينبغي لمن رزقه أن يجعله عاطلا عن التقوى ويدنسه بمتابعة الهوى فالحسنة في نفسها حسنة وهي من بيت النبوة أحسن والسيئة في نفسها سيئة وهي من أهل بيت النبوة أسوأ وقد يبلغ اتباع الهوى بذلك النسيب الشريف إلى حيث يستحي أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وربما ينكر نسبه وعليه قيل لشريف سيء الأفعال : قال النبي مقال صدق لم يزل يحلو لدى الأسماع والأفواه إن فاتكم أصل امريء ففعاله تنبيكم عن أصله المتناهي وأراك تسفر عن فعال لم تزل بين الأنام عديمة الأشباه وتقول إني من سلالة أحمد أفأنت تصدق أم رسول الله ولا يلومن الشريف إلا نفسه إذا عومل حينئذ بما يكره وقدم عليه من هو دونه في النسب بمراحل كما يحكى أن بعض الشرفاء في بلاد خراسان كان أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم غير أنه كان فاسقا ظاهر الفسق وكان هناك مولى أسود تقدم في العلم والعمل فأكب الناس على تعظيمه فاتفق أن خرج يوما من بيته يقصد المسجد فاتبعه خلق كثير يتبركون به فلقيه الشريف سكران فكان الناس يطردونه عن طريقه فغلبهم وتعلق بأطراف الشيخ وقال : يا أسود الحوافر والمشافر يا كافر ابن كافر أنا ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم أذل وأنت تجل وأهان وأنت تعان فهم الناس بضربه فقال الشيخ : لا تفعلوا هذا محتمل منه لجده ومعفو عنه وإن خرج عن حده ولكن أيها الشريف بيضت باطني وسودت باطنك فرؤي بياض قلبي فوق سواد وجهي فحسنت وسواد قلبك فوق بياض وجهك فقبحت وأخذت سيرة أبيك وأخذت سيرة أبي فرآني الخلق في سيرة أبيك ورأوك

الصفحة 165