كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

واقتربت وأخرج أبو داود والبيهقي وابن ماجه وابن أبي شيبة عن أم هشام ابنة حارثة قالت : ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا من في رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقرأ بها في كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس وفي حديث ابن مردويه عن أبي العلاء رضي الله تعالى عنه مرفوعا تعلموا ق والقرآن المجيد وكل ذلك يدل على أنها من أعظم السور
بسم الله الرحمن الرحيم ق والقرآن المجيد
1
- ذي المجد والشرف من باب النسب كلا بن وتامر وإلا فالمعروف وصف الذات الشريفة به وصنيع بعضهم ظاهر في اختيار هذا الوجه وأورد عليه أن ذلك غير معروف في فعيل كما قاله ابن هشام في إن رحمة الله قريب وأنت تعلم أن من حفظ حجة على من لم يحفظ وشرفه على هذا بالنسبة لسائر الكتب أما غير الإلهية فظاهر وأما الإلهية فلا عجازه وكونه غير منسوخ بغيره واشتماله مع إيجازه على أسرار يضيق عنها كل واحد منها وقال الراغب : المجد السعة في الكرم وأصله مجدت الأبل إذا وقعت في مرعى كثير واسع ووصف القرآن به لكثرة ما يتضمن من المكارم الدنيوة والأخروية ويجوز أن يكون وصفه بذلك كلام المجيد فهو وصف بصفة قائله فالأسناد مجازي كما في القرآن الحكيم أو لأن من علم معانيه وعمل بما فيه مجد عند الله تعالىوعند الناس فالكلام بتقدير مضاف حذف فارتفع الضمير المضاف إليه او فعيل فيه بمعنى مفعل كبديع بمعن مبدع لكن في مجيء فعيل وصفا من الإفعال كلام وأكثر أهل اللغة والعربية لم يثبته وأكثر ما تقدم في قوله تعالى : صلى الله عليه و سلم والقرآن ذي الذكر يجري ههنا حتى أنه قيل : يجوز أن يكون ق أمرا من مفاعلة قفا أثره أي تبعه والمعنى اتبع القرآن واعمل بما فيه ولم يسمع مأثورا ومثله ما قيل : إنه أمر بمعنى قف أي قف عندما شرع لك ولا تجاوزه وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : خلق الله تعالى من وراء هذه الأرض بحرا محيطا بها ومن وراء ذلك جبلا يقال له قاف السماء الدنيا مترفرفة عليه ثم خلق من وراء ذلك الجبل أرضا مثل تلك الأرض سبع مرات ثم خلق من وراء ذلك بحرا محيطا بها ثم خلق وراء ذلك جبلا يقال له قاف السماء الثانية مترفرفة عليه حتى عد سبع أرضين وسبعة أبحر وسبعة أجبل ثم قال : وذلك قوله عالى : والبحر يمده من بعده سبعة أبحر وأخرج ابن أبي الدنيا في العقوبات وأبو الشيخ عنه أيضا أنه قال : خلق الله تعالى جبلا يقال له قاف محيطا بالعالم وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض فإذا أراد الله تعالى أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل فحرك العرق الذي يلي تلك القرية فيزلزلها ويحركها فمن ثم تحرك القرية دون القرية وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وابن مردويه عن عبد الله بن بريدة أنه قال في الآية : قاف جبل من زمرد محيط بالدنيا عليه كنفا السماء وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد أنه أيضا قال : هو جبل محيط بالأرض وذهب القرافي إلى أن جبل قاف لا وجود له وبرهن عليه بما برهن ثم قال : ولا يجوز اعتقاد ما لا دليل عليه وتعقبه ابن حجر الهيتي فقال : يرد ذلك ما جاء عن ابن عباس من طرق خرجها الحفاظ وجماعة منهم ممن التزموا تخريج الصحيح وقول الصحابي ذلك ونحوه مما لا مجال للرأي في حكمه حكم المرفوع إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن وراء أرضنا بحرا محيطا ثم جبلا يقال له قاف إلى آخر ما تقدم ثم قال : وكما يندفع بذلك قوله : لا وجود له يندفع قوله : ولا يجوز اعتقاد الخ لأنه أن أراد بالدليل مطلق الإمارة فهذه عليه أدلة أو الأمارة القطعية فهذا مما يكفي فيه الظن كما هو جلي انتهى والذي أذهب

الصفحة 171