كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

أي شيطانه المقبض له في الدنيا كما قال مجاهد وفي الحديث ما من أحد إلا وقد وكل قرينه من الجن قالوا : ولا أنت يا رسول الله قال : ولا أنا إلا أن الله تعالى أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير هذا ما لدي عتيد
23
- إشارة إلى الشخص الكافر نفسه أي هذا ما عندي وفي ملكتي عتيد لجهنم قد هيأته لها بأغوائي وإضلالي ولا ينافي هذا ما حكاه سبحانه عن القرين في قوله تعالى الآتي : قال قرينه ربنا ما أطغيته لأن هذا نظير قول الشيطان : ولاضلنهم وقوله : ووعدتكم فأخلفتكم وذاك نظير قوله : وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم
وقال قتادة وابن زيد : قرينه الملك الموكل بسوقه يقول مشيرا إليه : هذا ما لدي حاضر وقال الحسن : هو كاتب سيئاته يقول مشيرا إلى ما في صحيفته أي هذا مكتوب عندي عتيد مهيأ للعرض وقيل : قرينه هنا عمله قلبا وجوارح وليس بشيء و ما نكرة موصوفة بالظرف وبعتيد أو موصولة والظرف صلتها و عتيد خبر بعد خبر لاسم الأشارة أو خبر لمبتدأ محذوف وجوز أن يكون بدلا من ما بناء على أنه يجوز إبدال النكرة من المعرفة وإن لم توصف إذا حصلت الفائدة بإبدالها وأما تقديره بشيء عتيد على أن البدل هو الموصوف المحذوف الذي قامت صفته مقامه أو أن ما الموصولة لابهامها أشبهت النكرة فجاز إبدالها منها فقيل عليه إنه ضعيف لما يلزم الأول من حذف البدل وقد أباه النحاة والثاني لا يقول به من يشترط النعت فهو صلح من غير تراضي الخمصين وقرأ عبد الله عتيدا بالنصب على الحال ألقينا في جهنم كل كفار خطاب من الله تعالى للسائق والشهيد بناء على أنهما اثنان لا واحد جامع للوصفين أو للملكين من خزنة النار أو لواحد على أن الألف بدل من نون التوكيد على إجراء الوصل مجرى الوقف وأيد بقراءة الحسن القين بنون التوكيد الخفيفية وقيل : أن العرب كثيرا ما يرافق الرجل منهم اثنين فكثر على ألسنتهم أن يقولوا خليلي وصاحبي وفقا وأسعدا حتى خاطبوا الواحد خطاب الأثنين وما في الآية محمول على ذلك كما حكى عن الفراء أو على تنزيل تثنية الفاعل منزلة تثنية الفعل بأن يكون أصله ألق ألق ثم حذف الفعل الثاني وأبقي ضميره مع الفعل الأول فثني الضمير للدلالة على ما ذكر كما في قوله : فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا وحكى ذلك عن المازني والمبرد ولا يخف بعده ولينظر هل هو حقيقة أو مجاز والأظهر أنه خطاب لاثنين وهو المروي عن مجاهد وجماعة وأيا ما كان فالكلام عل تقدير القول كما مر والألقاء طرح الشيء حيث تلقاه أي تراه ثم صار في التعارف اسما لكل طرح أي اطرحا في جهنم كل مبالغ في الكفر للمنعم والنعمة عنيد
24
- مبالغ في العناد وترك الأنقياد للحق وقريب منه قول الحسن : جاحد متمرد وقال قتادة أي منحرف عن الطاعة يقال : عند عن الطريق عدل عنه وقال السدي : المشاق من العند وهو عظم يعرض في الحلق وقال ابن بحر : المعجب بما عنده مناع للخير مبالغ في المنع للمال عن حقوقه المفروضة قال قتادة ومجاهد وعكرمة : يعني الزكاة وقيل : المراد بالخير الأسلام فإن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة كان يقول لبني أخيه : من دخل منكم في الأسلام لم أنفعه بشيء ما عشت والمبالغة باعتبار كثرة بني أخيه وباعتبار تكرر منعه لهم
وضعف بأنه لو كان المراد ذلك كان مقتضى الظاهر مناع عن الخير وفي البحر الأحسن عموم الخير في المال

الصفحة 185