كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

حذف المبدل منه وقد جوزه ابن هشام في المغنى لا سيما وقد قامت صفته مقامه حتى كأنه لم يحذف ولم يبدل من أواب نفسه لأنه أوابا صفة لمحذوف كما سمعت فلو أبدل منه كان للبدل حكمة فيكون صفة مثله و من اسم موصول والأسماء الموصولة لا يقع منها صفة إلا الذي على الأصح وجوز بعض الوصف بمن أيضا لكنه قول ضعيف أو مبتدأ خبره ادخلوها بتأويل يقال لهم ادخلوها لمكان الأنشائية والجمع باعتبار معنى من وقوله تعالى بالغيب متعلق بمحذوف هو حال من فاعل خشي أو منمفعوله أو صفة لمصدره أي خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه سبحانه وهو غائب عنه أو هو غائب عن الأعين لا يراه أحد وقيل : الباء للآلهة والمراد بالغيب القلب لأنه مستور أي من خشي الرحمن بقلبه دون جوارحه بأن يظهر الخشية ليس في قلبه منها وليس بشيء
والتعرض لعنوان الرحمانية للأشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه عز و جل راجون رحمته سبحانه أو بأن علمهمبسعة رحمته تبارك وتعالى لا يصدهم عن خشيته جل شأنه وقال الأمام : يجوز أن يكون لفظ الرحمن إشارة إلى مقتضى الخشية لأن معنى الرحمن واهب الوجود بالخلق والرحيم واهب البقاء بالرزق وهو سبحانه في الدنيا رحمن حيث أوجدنا ورحيم حيث أبقانا بالرزق فمن يكون منه الوجود ينبغي أن يكون المخشي وما تقدم أولى
والباء في قوله تعالى : بقلب للمصاحبة وجوز أن تكون للتعدية أي أحضر قلبا منيبا ووصف القلب بالأنابة مع أنها يوصف بها صاحبه لما أن العبرة رجوعه إلى الله تعالى وأغرب الأمام فجوز كون الباء للسببية فكأنه قيل : ما جاء إلا بسبب آثار العلم في قلبه أن لا مرجع إلا الله تعالى فجاء بسبب قلبه المنيب وهو كما ترى وقوله تعالى : بسلام متعلق بمحذوف هو حال من فاعل ادخلوها والباء للملابسة والسلام إما من السلامة أو من التسليم أي ادخلوها ملتبسين بسلامة من العذاب وزوال النعم أو بتسليم وتحية من الله تعالىوملائكته ذلك إشارة إلى الزمان الممتد الذي وقع في بعض منه ما ذكر من الأمور يومالخلود
34
- البقاء الذي لا انتهاء له أبدا أو إشارة إلى وقت الدخول بتقدير مضاف أي ذلك يوم ابتداء الخلود وتحققه أو يوم تقدير الخلود أو إشارة إلى وقت السلام بتقدير مضاف أيضا أي ذلك يوم إعلام الخلود أي الأعلام به لهم ما يشاءون من فنون المطالب كائنا ما كان فيها متعلق بيشاؤن وقيل : بمحذوف هو حال من الموصول أو من عائده المحذوف من صلته ولدينا مزيد
35
- هو ما لا يخطر ببالهم ولا يندرج تحت مشيئتهم من معالي الكرامات التي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ومنه كما أخرجه ابن أبي حاتم عن كثير بن مرة أنه تمر السحابة بهم فتقول : ماذا تريدون فأمطره عليكم فلا يريدون شيئا إلا أمطرته عليهم وأخرج البيهقي في الرؤية والديلمي عن علي كرم الله تعالى وجهه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى : ولدينا مزيد قال : يتجلى لهم الرب عز و جل
وأخرج ابن المنذر وجماعة عن أنس أنه قال في ذلك أيضا : يتجلى لهم الرب تبارك وتعالى في كل جمعة وجاء في حديث أخرجه الشافعي في الأمام وغيره أن يوم الجمهة يدعى يوم المزيد وقيل : المزيد أزواج من الحور العين عليهن تيجان أدنى لؤلؤة منها تضيء ما بين المشرق والمغرب وعلى كل سبعون حلة وإن الناظر لينفذ بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك وقيل : هو مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها وكم أهلكنا قبلهم أي كثيرا

الصفحة 190