كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

استعارة أو مجاز مرسل والأول أولى وجوز أن يكون من الشهادة وصفا للمؤمن لأنه شاهد على صحة المنزل وكونه وحيا من الله تعالى فيبعثه على حسن الأصغاء أو وصفا له من قوله تعالى : لتكونوا شهداء على الناس كأنه قيل : وهو من جملة الشهداء أي المؤمنين من هذه الأمة فهو كناية على الوجهين وجوز على الأول منهما أن لا يكون كناية على أن المراد وهو شاهد شهادة عن إيقان لا كشهادة أهل الكتاب
وعن قتادة المعنى لمن سمع القرآن من أهل الكتاب وهو شاهد على صدقه لما يجده في كتابه من نعته والأنسب بالمساق وإلا ملأ الأخذ من الشهود والوجه جعل وهو شهيد حالا من ضمير الملقى لا عطفا على ألقى كما لا يخفى على من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد والمراد أن فيما فعل بسوالف الأمم أو في المذكور إماما من الآيات لذكرى لأحدى طائفتين من له قلب يقفه عن الله عز و جل ومن له سمع مصغ مع ذهن حاضر أي لمن له استعداد القبول عن الفقيه إن لم يكن فقيها في نفسه و أو لمنع الخلو من حيث أنه يجوز أن يكون الشخص فقيها ومستعدا للقبول من الفقيه وذكر بعضهم أنها لتقسيم المتذكر إلى تال وسامع أو إلى فقيه متعلم أو إلى عالم كامل الأستعداد لا يحتاج لغير التأمل فيما عنده وقاصر محتاج للتعلم فيتذكر إذا أقبل بكلتيه وأزال الموانع بأسرها فتأمل
وقرأ السلمي وطلحة والسدي وأبو البرهسم أو القي مبنيا للمفعول السمع بالرفع على النيابة عن الفاعل والفاعل المحذوف إما المعبر عنه بالموصول أولا وعلى الثاني معناه لمن ألقى غيره السمع وفتح أذنه ولم يحضر ذهنه وأما هو فقد ألقى وهو شاهد متفطن محضر ذهنه فالوصف أعني الشهود معتمد الكلام وإنما أخرج في الآية بهذه العبارة للمبالغة في تفطنه وحضوره وعلى الأول معناه لمن ألقى سمعه وهو حاضر متفطن ثم قدر موصول آخر بعد أو فذو القلب والملقى غير أن شخصا ولو لم يقدر جاز أن يكونا شخصين وأن يكونا شخصا باعتبار حالين حال تفطنه بنفسه وحال إلقائه السمع عن حضور إلى متفطن بنفسه لأن من يتناول كل واحد واحد ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما من أصناف المخلوقات في ستة أيام تقدم الكلام فيها وما مسنا وما أصابنا بذلك مع كونه مما لا تفي به القوى والقدر منلغوب
38
- تعب ما فالتنوين للتحقير وهذا كما قال قتادة وغيره رد علىجهلة اليهود زعموا أنه تعالى شأنه بدأ خلق العالم يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا
وعن الضحاك أن الآية نزلت لما قالوا ذلك ويحكى أنهم يزعمون أنه مذكور في التوراة وجملة وما مسنا الخ تحتمل أن تكون حالية وأن تكون استئنافية وقرأالسلمي وطلحة ويعقوب لغوب بفتح اللام بزنة القبول والولوع وهو مصدر غير مقيس بخلاف مضموم اللام فاصبر على ما يقولون أي ما يقول المشركون في شأن البعث من الأباطيل المبنية على الأستبعاد والأنكار فإن من قدر على خلق العالم في تلك المدة اليسيرة بلا إعياء قادر علىبعثهم والأنتقام منهم أو على ما يقول اليهود من مقالة الكفر والتشبيه
والكلام متعلق بقوله تعالى : ولقد خلقنا الخ على الوجهين وفي الكشف أنه على الأول متعلق بأول

الصفحة 192