كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

له فقالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء فهناك حين رجعوا إلى قومهم
وفي رواية ابن المنذر عن عبد الملك أنهم لما حضروه قالوا : أنصتوا فلما قضى وفرغ صلى الله تعالى عليه وسلم من صلاة الصبح ولوا إلى قومهم منذرين مؤمنين لم يشعر بهم حتى نزل قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن
وفي الصحيحين عن مسروق عن ابن مسعود أنه آذنته صلى الله تعالى عليه وسلم بهم شجرة وكانوا على ما روي عن ابن عباس سبعة وكذا قال زر وذكر منهم زوبعة وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنهم كانوا سبعة ثلاثة من أهل حران وأربعة من نصيبين وكانت أسماؤهم حسي ومسي وشاصر وماصر والأردوانيان وسرق والأحقم بميم آخره وفي رواية عن كعب الأحقب بالياء وذكر صاحب الروض بدل حسي ومسي ومنشيء وناشيء
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال في هؤلاء النفر : كانوا تسعه عشر من أهل نصيبين فجعلهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رسلا إلى قومهم والخبر السابق يدل على أنه صلى الله عليه و سلم كان حين حضر الجن مع طائفة من أصحابه وأخرج عبد بن حميد وأحمد ومسلم والترمذي وأبو داود عن علقمة قال قلت لابن مسعود : هل صحب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد قال : ما صحبه منا أحد ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا : استطير أو اغتيل فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء فأخبرناه فقال أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم فهذا يدل على أنه عليه الصلاة و السلام لم يكن معه أحد من أصحابه ولم يشعر به أحد منهم
وأخرج أحمد عن ابن مسعود أنه قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة الجن وأخذت أداوة ولا أحسبها إلا ماء حتى إذا كنا بأعلى مكة رأيت أسودة مجتمعة قال : فخط لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم قال : قم ههنا حتى آتيك ومضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إليهم فرأيتهم يتثورون إليه فسمر معهم ليلا طويلا حتى جاءني مع الفجر فقال لي : هل معك من وضوء قلت : نعم ففتحت الأداوة فإذا هو نبيذ فقلت : ما كنت أحسبها إلا ماء فإذا هو نبيذ فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ثمرة طيبة وماء طهور فتوضأ منها ثم قام يصلي فأدركه شخصان منهم فصفهما خلفه ثم صلى بنا فقلت : من هؤلاء يا رسول الله قال : جن نصيبين فهذا يدل على خلاف ما تقدم والجمع بتعدد واقعة الجن وقد أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن الخبر أنه قال : صرفت الجن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم مرتين وذكر الخفاجي أنه قد دلت الأحاديث على أن وفادة الجن كانت ست مرات ويجمع بذلك اختلاف الروايات في عددهم وفي غير ذلك فقد أخرج أبو نعيم والواقدي عن كعب الأحبار قال : انصرف النفر التسعة من أهل نصيبين من بطن نخلة وهم فلان وفلان وفلان والأردوانيان والأحقب جاءوا قومهم منذرين فخرجوا بعد وافدين إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهم ثلثمائة فانتهوا إلى الحجون فجاء الأحقب فسلم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إن قومنا قد حضروا الحجون يلقونك فواعده رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لساعة من الليل بالحجون
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قال في الآية : هم اصثنا عشر ألفا من جزيرة الموصل وفي الكشاف حكاية هذا العدد أيضا وأن السورة التي قرأها صلى الله تعالى عليه وسلم عليهم اقرأ باسم ربك ونقل في

الصفحة 31