كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)
والباء زائدة فيه وحسن زيادتها كون كا قبلها في حيز النفي وقد أجاز الزجاج ما ظننت أن أحدا بقائم قياسا علىهذا قال أبو حيان : والصحيح قصر ذلك على السماع فكأنه قيل هنا : أو ليس الله بقادر على أن يحيي الموتى ولذلك أجيب عنه بقوله تعالى : بلى إنه على كل شيء قدير
33
- تقريرا للقدرةعلى وجه عام يكون كالبرهان على المقصود ولذا قيل : إن هذا مشير إلى كبرى لصغرى سهلة الحصول فكأنه قيل : أحياء الموتى شيء وكل شيء مقدور له فينتج أن أحياء الموتى مقدور له وبلزومه أنه تعالى قادر على أن يحيي الموتى
وقرأ الجحدري وزيد بن علي وعمرو بن عبيد وعيسى والأعرج بخلاف عنه ويعقوب يقدر بدل بقادر بصيغة المضارع الدال على الأستمرار وهذه القراءة على ما قيل موافقة أيضا للرسم العثماني
ويوم يعرض الذين كفروا على النار ظرف عامله قول مضمر مقوله تعالى : أليس هذا بالحق أي ويقال : يوم يعرض الخ والظاهر أن الجملة معترضة وقيل : هي حال والتقدير وقد قيل وفيه نظر وقد مر آنفا الكلام في العرض بطوله والإشارة إلى ما يشاهدونه حين العرض من حيث هو من غير أن يخطر بالبال لفظ يدل عليه فضلا عن تذكيره وتأنيثه إذ هو اللائق بتهويله وتفخيمه وقيل : هي إلى العذاب بقرينة التصريح به بعد وفيه تهكم بهم وتوبيخ على استهزائهم بوعد الله تعالى ووعيده وقولهم : وما نحن بمعذبين
قالوا بلى وربنا تصديق بحقيقته وأكد بالقسم كأنهم يطمعون في الخلاص بالأعتراف بحقية ذلك كما في الدنيا وإني لهم وعن الحسن أنهم ليعذبون في النار وهم راضون بذلك لأنفسهم يعترفون أنه العدل
قال قذفوا العذاب بما كنتم تكفرون
34
- بسبب استمراركم على الكفر في الدنيا ومعنى الأمر الإهانة بهم فهو تهكم وتوبيخ وإلا لكان تحصيلا للحاصل وقيل : هو أمر تكويني والمراد إيجاب عذاب غير ما هم فيه وليس بذاك والفاء في قوله تعالى : فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل واقعة في جواب شرط مقدر أي إذا كان عاقبة أمر الكفرة ما ذكر فاصبر على ما يصيبك من جهتهم أو إذا كان الأمر على ما تحققته من قدرته تعالى الباهرة فاصبر وجوز غير واحد كونها عاطفة لهذه الجملة على ما تقدم والسببية فيها ظاهرة واقتصر في البحر على كونها لعطف هذه الجملة على أخبار في الآخرة وقال : المعنى بينهما مرتبط كأنه قيل : هذه حالهم فلا تستعجل أنت واصبر ولا تحف إلا الله عز و جل والعزم يطلق على الجد والأجتهاد في الشيء وعلى الصبر عليه و من بيانية كما في فاجتنبوا الرجس من الأوثان والجار والمجرور في موضع الحال من الرسل فيكون أولوا العزم صفة جميعهم وإليه ذهب ابن زيد والجبائي وجماعة أي فاصبر كما صبر الرسل المجدون والمجتهدون في تبيليغ الوحي لا يصرفهم عنه صارف ولا يعطفهم عنه عاطف والصابرون على أمر الله تعالى فيما عهده سبحانه إليهم أو قضاه وقدره عز و جل عليهم بواسطة أو بدونها وعن عطاء الخراساني والحسن بن الفضل والكلبي ومقاتل وقتادة وأبي العالية وابن جريج وإليه ذهب أكثر المفسرين أن من للتبعيض فألوا العزم بعض الرسل عليهم السلام واختلف في عدتهم وتعيينهم على أقوال فقال الحسن بن الفضل : ثمانية عشر وهم المذكورون في سورة الأنعام لأنه سبحانه قال بعدذكرهم : فبهداهم أقتده وقيل : تسعة نوح عليه السلام صبر على أذى قومه طويلا وإبراهيم عليه السلام صبر على الإلقاء في النار والذبيح عليه السلام صبر على ما أريد