كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

فلن يضل أعمالهم
4
- فلن يضيعها سبحانه وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه يضل مبنيا للمفعول أعمالهم بالرفع على النيابة عن الفاعل وقريء يضل بفتح الياء من ضل أعمالهم بالرفع على الفاعلية والآية قال قتادة : كما أخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم ذكر لنا أنها نزلت في يوم أحد ورسول الله صلى الله عليه و سلم في الشعب وقد فشت فيهم الجراحات والقتل وقد نادى المشركون يومئذ أعل هبل ونادى المسلمون الله أعلى وأجل فنادى المشركون يوم بيوم بدر وإن الحرب سجال لنا عزي ولا عزي لكم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الله مولانا ولا مولى لكم إن القتلى مختلفة أما قتلانا فأحياء مرزوقزن وأما قتلاكم ففي النار يعذبون ومنه يعلم وجه قراءة قتلوا بصيغة التفعيل سيهديهم سيوصلهم إلى ثواب تلك الأعمال من النعيم المقيم والفضل العظيم وهذا كالبيان لقوله سبحانه : فلن يضل أعمالهم أو سيثبت جل شأنه في الدنيا هدايتهم والمراد الوعد بأن يحفظهم سبحانه ويصونهم عما يورث الضلال وحبط الأعمال وهو كالتعليل لذلك ويجوز أن يكون كالبيان له أيضا
ويصلح بالهم
5
- أي شأنهم قال الطبرسي : المراد إصلاح ذلك في العقبي فلا يتكرر مع ما تقدم لأن المراد به إصلاح شأنهم في الدين والدنيا فلا تغفل ويدخلهم الجنة عرفها لهم
6
- في موضع الحال بتقدير قد أو بدونه أو استئناف كما قال أبو البقاء والتعريف في الآخرة أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد أنه قال : يهدي أهل الجنة إلى بيوتهم ومساكنهم وحيث قسم الله تعالى لهم منها لا يخطؤن كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا وفي الحديث لأحدكم بمنزله في الجنة أعرف منه بمنزله في الدنيا وذلك بإلهام منه عز و جل وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل أنه قال : بلغنا أن الملك الذي كان بحفظ عمل الشخص في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة ويتبعه الشخص حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شيء أعطاه الله تعالى في الجنة فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل إلى منزله وأزواجه وانصرف الملك عنه
وورد في بعض الآثار أن حسناته تكون دليلا له إلى منزله فيها وقيل : إنه تعالى رسم على كل منزل اسم صاحبه وهو نوع من التعريف وقيل : تعريفها تحديدها يقال : عرف الدار وأرفها أي حددها أي حددها لهم بحيث يكون لكل جنة مفرزة وقيل : أي شرفها لهم ورفعها وعلاها على أن عرفها من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها وعن ابن عباس في رواية عطاء وروي عن مؤرج أي طيبها لهم على أنه من العرف وهو الريح الطيبة ههنا ومنه طعام معرف أي مطيب وعرفت القدر طيبتها بالملح والتابل وعن الجبائي أن التعريف في الدنيا وهو بذكر أوصافها والمراد أنه تعالى لم يزل يمدحها لهم حتى عشقوها فاجتهدوا فيما يوصلهم إليها
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
وعلى هذا المراد قيل : اشتقاقه من قبل رؤيته كما تهوى الجنان بطيب الأخبار يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله أي دينه ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم لا على أن الكلام هلى تقدير مضاف بل أن نصرة الله فيه تجوز في النسبة فنصرته سبحانه نصرة رسوله إذ هو جل شأنه وعلا المعين الناصر وغيره سبحانه المعان المنصور ينصركم على أعدائكم ويفتح لكم ويثبت أقدامكم
7
- في مواطن الحرب ومواقفها أو على محجة الإسلام والمراد يقويكم أو يوفقكم للدوام على الطاعة

الصفحة 43