كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)

والمغارب التي تختلف بها الفصول التي هي مباديء الرزق إلى غير ذلك فالكلام على تقدير مضاف أو التجوز بجعل وجود الأسباب فيها كوجوب المسبب وذهب غير واحد إلى أن السماء السحاب وهي سماء لغة والمراد بالرزق المطر فإنه سبب الأقوات وروي تفسيره بذلك مرفوعا وقرأ ابن محيصن أرزاقكم على الجمع
وما توعدون
22
- عطف على رزقكم أي الذي توعدونه من خير وشر كما روي عن مجاهد وفي رواية أخرى عنه وعن الضحاك ما توعدون الجنة والنار وهو ظاهر في أن النار في السماء وفيه خلاف وقال بعضهم : هو الجنة وهي على ظهر السماء تحت العرش وقيل : أمر الساعة وقيل : الثواب والعقاب فإنهما مقدران معينان فيها وقيل : إنه مستأنف خبره
فورب السماء والأرض إنه لحق علىأن ضمير إنه لما وعلى ما تقدم فإما له أو للرزق أو لله تعالى أو للنبي ص - أو للقرآن أو للذين في إن الدين لواقع أو لليوم المذكور في أيان يوم الدين أو لجميع المذكور أماما أقوال واستظهر أبو حيان الأخير منها وهو مروي عن ابن جريج أي أن جميع ما ذكرناه من أول السورة إلى هنا لحق مثل ما أنكم تنطقون أي مثل نطقكم كما أنه لا شك لكم في أنكم تنطقون ينبغي أن لا شكوا في حقية ذلك وهذا كقول الناس : إن هذا لحق كما أنك ترى وتسمع ونصب مثل على الحالية من المستكن في لحق وهو لا يتعرف بالأضافة لتوغله في التنكير أو على الوصف لمصدر محذوف أي إنه حق حقا مثل نطقكم وقيل : إنه مبني على الفتح فقال المازني : لتركبه مع ما حتى صارا شيئا واحدا نحو ويحما وأنشدوا لبناء الأسم معها قول الشاعر : أثور ما أصيدكم أم ثورين أمهذه الجماء ذات القرنين وقال غيره : لإضافته إلى غير متمكن وهو ما إن كانت موصوفة بمعنى شيء أو موصولة بمعنى الذي و أنكم الخ خبر مبتدأ محذوف أي هو أنكم الخ والجملة صفة أو صلة أو هو أن بما في حيزها إن جعلت ما زائدة وهو نص الخليل ومحله على البناء الرفع على أنه صفة لحق أو خبر ثان ويؤيده قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر والحسن وابن أبي إسحاق والأعمش بخلاف عن ثلاثتهم مثل بالرفع وفي البحر أن الكوفيين يجعلون مثلا ظرفا فينصبونه على الظرفية ويجيز ونزيد مثلك بالنصب وعليه يجوز أن يكون في قراءة الجمهور منصوبا على الظرفية واستدلالهم والرد عليهم مذكور في النحو وفي الآية من تأكيد حقية المذكور ما لا يخفى وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن أنه قال فيها : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : قاتل الله قوماأقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوا وعن الأصمعي أقبلت من جامع البصرة فطلع أعرابي علي قعود فقال : ممن الرجل قلت من بني أصمع قال : من أين أقبلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن قال : اتل علي فتلوت والذاريات فلما بلغت وفي السماء رزقكم قال : حسبك فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرها وولي فلما حججت مع الرشيد طفقت أكوف فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت رقيق فالتفت فإذاالأعرابي قد نحل واصفر فسلم علي واستقرأ السورة فلما بلغت الآية صاح وقال : قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ثم قال : وهل غير هذا فقرأت فورب السماء والأرض لحق فصاح وقال : يا سبحان الله من ذا أغضب الجليل حتىحلف لم يصدقوه بقوله حتى ألجأوه إلى اليمين قالها

الصفحة 10