كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)

ولا يعدونها آية وفي موسى عطف على وتركنا فيها بتقدير عامل له أي وجعلنا في موسى والجملة معطوفة على الجملة أو هو عطف على فيها بتغليب معنى عامل الآية أو سلوك طريق المشاكلة في عطفه على الأوجه التي ذكرها النحاة في نحو
علفتها تبنا وماءا باردا لا يصح تسليط الترك بمعنى الإبقاء على قوله سبحانه وفي موسى فقول أبي حيان لا حاجة إلى إضمار تركنا لأنه قد أمكن العامل في المجرور تركنا الأول فيه بحث وقيل : في موسى خبر لمبتدأ محذوف أي وفي موسى آية وجوز ابن عطية وغيره أن يكون معطوفا على قوله تعالى : وفي الأرض وما بينهما اعتراض لتسليته عليه الصلاة و السلام على ما مر وتعقبه في البحر بأنه بعيد جدا ينزه القرآن الكريم عن مثله إذ أرسلناه قيل : بدل من موسى وقيل : هو منصوب بآية وقيل : بمحذوف أي كائنة وقت إرسالنا وقيل : بتركنا
إلى فرعون بسلطان مبين
38
- هو ما ظهر على يديه من المعجزات الباهرة والسلطان يطلق على ذلك مع شموله للواحد والمتعدد لأنه في الأصل مصدر فتولى بركنه فأعرض عن الأيمان بموسى عليه السلام على أن ركنه جانب بدنه وعطفه والتولي به كناية عن الإعراض والباء للتعدية لأن معناه ثني عطفه أو للملابسة وقال قتادة : تولى بقومه على أن الركن بمعنى القوم لأنه يركن إليهم ويتقوى بهم والباء للمصاحبة أو الملابسة وكونها للسببية غير وجيه وقيل : تولى بقوته وسلطانه والركن يستعار للقوة كما قال الراغب وقريء بركنه بضم الكاف إتباعا للراء وقال ساحر أي هو ساحر أو مجنون
39
- كان اللعين جعل ما ظهر على يديه عليه السلام من الخوارق العجيبة منسوبة إلى الجن وتردد في أنه حصل باختياره فيكون سحرا أو بغير اختياره فيكون جنونا وهذا مبني على زعمه الفاسد وإلا فالسحر ليس من الجن كما بين في محله فأو للشك وقيل : للإبهام وقال أبو عبيدة : هي بمعنى الواو لأن اللعين قال الأمرين قال : إن هذا لساحر عليم وقال : إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون وأنت تعلم أن اللعين يتلون تلون الحرباء فلا ضرورة تدعو إلى جعلها بمعنى الواو فأخذناه وجنوده فنبذناهم طرحناهم غير معتدين بهم في اليم في البحر والمراد فأغرقناهم فيه وفي الكلام من الدلالة على غاية عظم شأن القدرة الربانية ونهاية قمأة فرعون وقومه ما لا يخفى وهومليم
4
- أيآتبما يلام عليه من الكفر والطغيان فالأفعال هنا للأتيان بما يقتضي معنى ثلاثية كأغراب إذا أتى أمرا غريبا وقيل : الصيغة : للنسب أو الأسناد للسبب وهو كما ترى وكون الملام عليه هنا الكفر والطغيان هو الذي يقتضيه حال فرعون وهو مما يختلف باعتبار من وصف به فلا يتوهم أنه كيف وصف اللعين بما وصف به ذو النون عليه السلام وفي عاد إذ أرسلنا على طرز ما تقدم عليهم الريح العقيم
41
- الشديد التي لا تلقح شيئا كما أخرجه جماعة عن ابن عباس وصححه الحاكم وفي لفظ هي ريح لا بركة فيها ولا منفعة ولا ينزل منها غيث ولا يلقح بها شجر كأنه شبه عدم تضمن المنفعة بعقم المرأة فعيل بمعنى فاعل من اللازم وكون هذا المعنى لا يصح هنا مكابرة وقال بعضهم وهو حسن سميت عقيما لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم على أن هناك استعارة تبعية شبه إهلاكهم وقطع دابرهم بعقم النساء وعدم

الصفحة 15