كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)
بل هم قوم طاغون
53
- إضراب عن أن التواصي جامعهم إلىأن الجامع لهم على ذلك القول مشاركتهم في الطغيان الحامل عليه
فتول عنهم فأعرض عن جدالهم فقد كررت عليهم الدعوة ولم تأل جهدا في البيان فأبوا إلا إباءا وعنادا فمآ أنت بملوم
54
- على التولي بعد ما بذلت المجهود وجاوزت في الأبلوغ كل حد معهود
وذكر آدم على فعل التذكير والموعظة ولا تدع ذلك فالأمر بالتذكير للدوام عليه والفعل منزل منزلة اللازم وجوز أن يكون المفعول محذوفا أي فذكرهم وحذف لظهور الأمر
فإن الذكرى تنفع المؤمنين
55
- أي الذين قدر الله تعالى إيمانهم أو المؤمنين بالفعل فإنها تزيذهم بصيرةوقوة في اليقين وفي البحر يدل ظاهر الآية علىالموادعة وهي منسوخة بآية السيف وأخرج أبو داود في ناسخة وابن المنذر عن ابن عباس في قوله تعالى : فتول عنهم الخ قالأ أمره الله تعالى أن يتولى عنهم ليعذبهم وعذر محمدا ص - قال سبحانه : وذكر الخ فنسختها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب والضياء في المختارة وجماعة من طريق مجاهد عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : لما نزلت فتول عنهم فما أنت بملوم لم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة إذ أمر النبي ص - أن يتولى عنا فنزلت وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين فطابت أنفسنا وعن قتادةأنهم ظنوا أن الوحي قد انقطع وأن العذاب قد حضر فأنزل الله تعالى وذكر الخ
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
56
- استئناف مؤكد للأمر مقرر لمضمون تعليه فإن خلقهم لما ذكر سبحانه وتعالى مما يدعوه صلى الله تعالى عليه وسلم إلى تذكيرهم ويوجب عليه التذكر والأتعاظ ولعل تقديم الجن في الذكر لتقدم خلقهم على خلق الإنسان في الوجود والظاهر أن المراد م يقابلون بهم والملائكة عليهم السلام ولم يذكر هؤلاء قيل : لأن الأمر فيهم مسلم أو لأن الآية سيقت لبيان صنيع المكذبين حيث تركوا عبادة الله تعالى وقد خلقوا لها وهذا الترك مما لا يكون فيهم بل هم عباد نمرمون لا يستكبرون عن عبادته عز و جل وقيل : لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم ليس مبعوثا إليهم فليس ذكرهم في هذا الحكم مما يدعوه عليه الصلاة و السلام إلى تذكيرهم وأنت تعلم أن الأصح عموم البعثة الأولة ما قيل بدله لاستغنائهم عن التذكير والموعظة وقيل : المراد بالجن ما يتناولهم لأنه من الأستتار وهم مستترون عن الأنس وقيل : لا يصح ذكرهم في حيز الخلق لأنهم كالأرواح من عالم المر المقابل لعالم الخلق وقد أشير إليهما بقوله تعالى : له الخلق والأمر ورد بقوله سبحانه : خالق كل شيء وله الخلق والأمر ليس كما ظن والعبادة غاية التذلل والظاهر أن المراد بها ما كانت بالأختيار دون التي بالتسخير الثابتة لجميع المخلوقات وهي الدلالة المنبهة على كونها مخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم ويعبر عنها بالسجود كما في قوله تعالى : والنجم والشجر يسجدان وأل في الجن والأنس على المشهور للأستغراق واللام قيل : للغاية والعبادة وإن لمتكن غاية مطلوبةمن الخلق لقيام الدليل على أنه عز و جل لم يخلق الجن والأنس لأجلها أي لأرادتها منهم إذ لو أرادوها سبحانه منهم لم يختلف ذلك لأستلزم
الصفحة 20
200