كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)

ثناءا عليك أنت كما أثنيت على نفسك وأما البحر فليونس عليه السلام قال فيه : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فلشرفها بذلك أقسم الله تعالى بها وأما ذكر الكتاب فلأن الأنبياء كان لهم في هذه الأماكن كلام والكلام في الكتاب وأما ذكر السقف المرفوع فلبيان رفعة البيت المعمور ليعلم عظمة شأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم ذكر وجها آخر ولعمري إنه لم أت بشيء فيهما والواو الأولى للقسم وما بعدها على ما قال أبو حيان للعطف والجملة المقسم عليها قوله تعالى : إن عذاب ربك لواقع
7
- أي لكائن على شدة كأنه مهيأ في مكان مرتفع فيقع على من يحل به من الكفار وفي إضافته إلى الرب مع إضافة الرب إلى ضميره عليه الصلاة و السلام أمان له صلى الله تعالى عليه وسلم وإشارة إلى أن العذاب واقع بمن كذبه وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما واقع بدون لام وقوله تعالى : ما له من دافع
8
- خبر ثان لأن أو صفة لواقع أو هو جملة معترضة و من دافع إما مبتدأ للظرف أو مرتفع به على الفاعلية و من مزيدة للتأكيد ولا يخفى ما في الكلام من تأكيد الحكم وتقريره وقد روي أن عمر رضي الله تعالى عنه قرأ من أول السورة إلى هنا فبكى ثم بكى حتى عيد من وجعه وكان عشرين يوما وأخرج أحمد وسعيد بن منصور وابن سعد عن جبير بن مطعم قال : قدمت المدينة على رسول الله ص - لأكلمه في أسارى بدر فدفعت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ والطور إلى إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع فكأنما صدع قلبي وفي رواية فأسلمت خوفا من نزول العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع العذاب وهو لا يأبى أن يكون المراد الوقوع يوم القيامة ومن غريب ما يحكى أن شخصا رأى مكتوبا في كفه خمس واوات فعبرت له بخير فسأل ابن سيرين فقال : تهيأ لما لا يسر فقال له : من أين أخذت هذا فقال : من قوله عز و جل : والطور إلى إن عذاب ربك لواقع فما مضى يومان أو ثلاثة حتى أحيط بذلك الشخص وقوله سبحانه : يوم تمور السماء مورا
9
- منصوب على الظرفية وناصبه واقع أو دافع أو معنى النفي وإيهام أنه لا ينتفي دفعه في غير ذلك بناءا على اعتبار المفهوم لا ضير فيه لعدم مخالفته للواقع لأنه تعالى أمهلهم في الدنيا وما أمهلهم ومنع مكي أن يعمل فيه واقع ولم يذكر دليل المنع ولا دليل له فيما يظهر ومعنى تمور تضطرب كما قال ابن عباس أي ترجح وهي في مكانها وفي رواية عنه تشقق وقال مجاهد : تدور وأصل المور التردد في المجيء والذهاب وقيل : التحرك في تموج وقيل : الجريان السريع ويقال للجري مطلقا وأنشدوا للأعشى كأن مشيتها من بيت جارتها مور السحابة لا ريث ولا عجل وتسير الجبال سيرا
10
- عن وجه الأرض فتكون هباءا منبثا والإتيان بالمصدرين للإيذان بغرابتهما وخروجهما عن الحدود المعهودة أي مورا عجيبا وسيرا بديعا لا يدرك كنههما فويل يومئذ أي إذازقع ذلك أو إذا كان الأمر كما ذكر فويل يوم إذ يقع ذلك للمكذبين
11
- الذين هم في خوض يلعبون
12
- أي في اندفاع عجيب في الأباطيب والأكاذيب يلهون وأصل الخوض المشي في الماء ثم تجوز فيه عن الشروع

الصفحة 29