كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)

في كل شيء وغلب في الحوض في الباطل كالأحضار عام في كل شيء ثم غلب استعماله في الأحضار للعذاب
يوم يدعون إلى نار جهنم دعا
13
- أي يدفعون دفعا عنيفا شديدا بأن تغل أيديهم إلى أعناقهم وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم فيدفعون إلى النار ويطرحون فيها وقرأ زيد بن علي والسلمي ابو رجار يدعون بسكون الدال وفتح العين من الدعاء فيكون دعا حالا أي ينادون إليها مدعوين و يوم إما بدل من يوم تمور أو ظرف لقولمحكي به قوله تعالى : هذه النار التي كنتم بها تكذبون
14
- أي فيقال لهم ذلك يوم الخ ومعنى التكذيب بها تكذيبهم بالوحي الناطق بها وقوله تعالى : افسحر هذا توبيخ وتقريع لهم حيث كانوا يسمونه سحرا كأنه قيل : كنتم تقولون للوحي الذي أنذركم بهذا سحرا أفهذا المصدق له سحرا أيضا وتقديم الخبر المقصود بالإنكار والمدار للتوبيخ
أم أنتم لا تبصرون
15
- أي أم أنتم عمى عن المخبر كما كنتم في الدنيا عميا عن الخبر والفاء مؤذنة بما ذكر وذلك لأنها لما كانت تقتضي معطوفا عليه يصح ترتب الجملة أعني سحر هذاعليه وكانت هذه جملة واردة تقريعا مثل هذه النار الخ لم يكن بد من تقدير ذلك على وجه يصح الترتيب ويكون مدلولا عليه من السياق فقدر كنتم تقولون إلى آخره ودل عليه قوله تعالى : في خوض يلعبون وقوله سبحانه : هذه النار التي كنتم بها تكذبون وفي الكشف إن هذا نظير ما تستدل بحجة فيقول الخصم : هذا باطل فتأتي بحجة أوضح من الأول مسكتة وتقول : أفباطل هذا ! تعيره بالألزام بأن مقالته الأولى كانت باطلة وفي مثله جاز أن يقدر القول على معنى أفتقول باطل هذا وأن لا يقدرلابتنائه على كلام الخصم وهذا أبلغ و أم كما هو الظاهرمنقطعة وفي البحر لما قيل لهم : هذه النار وقفوا على الجهتين اللتينيمكن منهما دخول الشك في أنها النار وهي إما يكون ثم سحر يلبس ذات المر أي وإما أن يكون في ناظر اختلال والظاهر أنه جعل أم معادلة والأول أبعد مغزى
أصلوها فاصبروا أولا تصبروا أي ادخلوها وقاسوا شدائدها فافعلوا ما شئتم من الصبر وعدمه
سواء عليكم أي الأمران سواء عليكم في عدم النفع إذ كل لا يدفع العذاب ولا يخففه فسواه خبر مبتدأ محذوف وصح الإخبار به عن المثنى لأنه مصدرفي الأصل وجوز كونه مبتدأ محذوف الخبر وليس بذاك وقوله تعالى : إنما تجزون ما كنتم تعملون
16
- تعليل للإستواء فإن الجزاء حيث كان متحتم الوقوع لسبق الوعيد به وقضائه سبحانه إياه بمقتضى عدله كان الصبر وعدمه مستويين في عدم النفع
إن المتقين في جنات ونعيم
17
- شروع في ذكر حال المؤمنين بعد ذكر حال الكافرين كما هو عادة القرآن الجليل في الترهيب والترغيب وجوز أن يكون من جملة المقول للكفار إذ ذاك زيادة في غمهم وتنكيدهم والأول أظهر والتنوين في الموضعين للتعظيم أي جنات عظيمة ونعيم عظيم وجوز أن يكون للنوعية أي نوع من الجنات ونوع من النعيم مخصوصين بهم وعوضا عن المضاف إليه أي جناتهم ونعيمهم ليس بالقوى كما لا يخفى
فاكهين متلذذين بما آتاهم ربهم من الإحسان وقريء فاكهين بلا ألف ونصبه في القراءتين على الحال من الضمير المستتر والجار والمجرور أعني الواقع خبرا لأن وقرأ خالد فاكهون بالرفع على أنه

الصفحة 30