كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)

مصفوفة مجعولة على صف وخط مستو وزوجناهم بحور عين
20
- أي قرناهم بهن قاله الراغب ثم قال : ولم يجيء في القرآن زوجناه محورا كما يقال زوجته امرأة تنبيها على أن ذلك لا يكون على حسب المتعارف فيما بيننا من المناكحة وقرأالفراء : تزوجت بامرأة لغة أزد شنوءة والمشهور أن التزوج متعد إلى مفعول واحد بنفسه والتزويج متعد بنفسه إلى مفعولين وقيل : فيما هنا أن الباء لتضمين الفعل معنى القرآن أو الألصاق واعترض بأنه يقتضي معنى التزويج بالعقد وهو لا يناسبالمقامإذ العقد لا يكونفي الجنةلأنها ليست دار تكليف أو أنها للسببيةوالتزويج ليس بمعنىالإنكاح بل بمعنى تصييرهم زوجين زوجين أي صيرناهم كذلك بسبب حور عين وقرأ عكرمةبحورعين على إضافةالموصوف إلى صفتهبالتأويل المشهور وقوله تعالى : والذين آمنوا الخ كلام مستأنف مسوق لبيان حال طائفة من أهلالجنةإثر بيان حال الكل وهم الذين شاركتهم ذريتهم في الأيمان والموصول مبتدأ خبره ألحقنا بهم وقوله تعالى : واتبعتهمذريتهم عكفعلى آمنوا وقيل اعتراض للتعليل وقوله تعالى : بإيمان متعلق بالإتباع أي أتبعتهم ذريتهم بأميانفي الجملة قاصرعلى رتبة إيمان الآباءإما بنفسه بناءا على تفاوت مراتب نفس الأيمان وإما باعتبار عدم انضمام أعمال مثل الاباء إليه واعتبار هذا القيد للأيذان بثبوت الحكم في الأيمان الكامل أصالةلا إلحاقا قيل : هو حال من الذرية وقيل : من الضمير وتنوينه للتعظيم وقيل : منهما وتنوينه للتنكيروالمعول عليه ما قدمنا ألحقنا بهم ذريتهم في الدرجة أخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبيحاتم والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : إن الله تعالى ذريةالمؤمن معه في درجته في الجنةوإن كانوا دونه في العمل لتقربهم عينه ثم قرأ الآية وأخرجه البزاز وابن مردويه عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وفي روايةابن مردويه والطبراني عنه أنه قال : إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : إذا دخل الرجل الجنةسأل عن أبويه وزوجته وولده فيقال له : إنهملم يبلغوا درجتك وعملك فيقول : يا رب قد عملت لي واهم فيؤمر بإلحاقهم به وقرأ ابن عباس الآية وظاهر الأخبار أن المراد بإلحاقهم بهم إسكاتهم معهم لا مجرد رفعهم إليهم واتصالهم بهم أحيانا ولو للزيارة وثبوت ذلك على العموم لا يبعد من فضل الله عز و جل وما قيل : لعله مخصوص ببعض دون بعض تحجير لإحسانه الواسع جل شأنه وقد يستأنس للتخصيص بما روي عن ابن عباس إن الذين آمنوا المهاجرون والأنصار والذريةالتابعون لكن لا أظم صحته وما ألتناهم أي وما نقصنا الآباء بهذا الإلحاق من عملهم أي من ثواب عملهم من شيء أي شيئا بأن أعطينا بعض مثوباتهم أبناءهم فتنقص مثوباتهم وتنحط درجتهم وإنما رفعناهم إلى منزلتهم بمحض التفضل والإحسان وقال ابن زيد الضمير عائد علىالأبناء أيوما نقصنا الأبناء الملحقين من جزاء عملهم الحسن والقبيح شيئا بل فعلنا ذلك بهم بعد مجازاتهم بأعمالهم كملا وليس بشيء وإن قال أبو حيان يحسن هذا الأحتمال قوله تعالى : كل امريء بما كسب رهين وإلى الأول ذهب ابن عباس وابن جبير والجمهور والآيةعلى ما ذهب إليه المعظم في الكبارمن الذرية وقال منذر بن سعيد : هي في الصغار
وروي عن الحبر والضحام أنهما قالا : إن الله تعالى يلحق الأبناء الصغار وإن لم يبلغوا زمن الأيمان بآبائهم

الصفحة 32