كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)
كل بعض سائلاومسئولالا أنه بعض معين بعضا آخر معينا ثمهذا التساؤل في الجنة كما هو الظاهر وحكى الطبري عن ابن عباس أنهإذا بعثوا في النفخة الثانية ولا أراه يصح لبعده جدا قالوا أي المسئولون وهم كل واحد منهمفي الحقيقة إنا كنا قبل أي قبل هذا الحال فيأهلنا مشفقين
26
- أرقاءالقلوب خائفين من عصيان الله عز و جل معتنين بطاعته سبحانه أووجلين من العاقبة و في أهلنا قيل : يحتمل أنهكناية عن كون ذلك في الدنيا ويحتمل أن يكون بيانالكون إشفاقهم كان فيهموفي أهليهم لتبعيتهم لهم في العادة ويكون قوله تعالى : فمن الله علينا أي بالرحمة والتوفيق ووقانا عذاب السموم
27
- أي عذاب النار النافذة في المسام نفوذ السموم وهو الريح الحارة المعروفة ووجه الشبه وإن كان في النار أقوى لكنه في ريح السموم لمشاهدته في الدنيا أعرف فلذا جعل مشبها به وقال الحسن : السموم اسم من أسماء جهنم عاما ولأهلهم فالمراد بيان ما من الله تعالى عليهم من اتباع أهلهم لهم وقيل : ذكر في أهلنا لإثبات خوفهم في سائر الأوقات والأحوالأ بطريق الأولى فإن كونهم بين أهليهم مظنة الأمن ولاأرى فيه بأسا نعم كون ذلك لأن السؤال عما اختصوا به من الكرامة دون أهليهم ليس بشيء وقيل : لعلالأولى أن يجعل ذلك إشارة إلى الشفقة على خلق الله تعالى كما أن قوله عز و جل : إناكنا من قبل ندعوه إلى آخره إشارة إلى التعظيم لأمر الله تعالى وترك العاطف بجعل الثاني للأول ادعاءا للمبالغة في وجوب عدم انفكاك كل منهما للآخر ولا يخفى ما فيه والذي يظهر أن هذا إشارة إلى الرجاء وترك العطف لقصد تعدادما كانواعليه أي إنا كنا من قبل ذلك نعبده تعالى ونسأله الوقاية إنه هو البر أي المحسن كماد يدل عليه اشتقاقه منالبر بسائر موادهلأنهاترجع إلى الإحسان كبر في يمينه أي صدق إحسان في ذاته ويلزمه الإحسان للغير وأبر الله تعالى حجه أي قبله لأن القبول إحسان وزيادة وأبر فلان على أصحابه أي أعلاهم لأنه غالباينشأ عن الإحسان لهمفتفسير باللطيف كما روي عن ابن عباس أوالعالي في صفاته أوخالق البر أو الصادق فيما وعد أو لياءه كماروي عن ابن جريج بعيد إلا أن يراد بعض ما صدقات أو غايات ذلك البر الرحيم الكثير الرحمة الذي إذاعبد أثاب وإذاسئل أجاب وقرأ أبو حيوة ووقانا بتشديد القاف والحسن وأبو جعفر ونافع والكسائي أنه بفتح الهمزة لتقدير لام الجر التعليلية قبلها أي لأنه فذكر فأثبت على ما أنت عليه من التذكيربماأنزل عليك من الآيات والذكر الحكيم ولا تكترث بما يقولون مما خير فيه من الأباطيل
فما أنت بنعمت ربك بكاهن هو الذي يخبر بالغيب بضرب من الظن وخص الراغب الكاهن بمنيخبر بالأخبار الماضية الخفية كذلك والعراف بمن يخبر بالأخبار المستقلة كذلك والمشهور في الكهانة الأستمداد من الجن في الأخبار عن الغيب والباء في بكاهن مزيدة للتأكيد أي ما أنت كاهن ولا مجنون
29
- واختلف في باء بنعمة فقالأ أبو البقاء : للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال والعامل فيه كاهن أو مجنون والتقدير ما أنت كاهنولا مجنونملتبسابنعمة ربك وهي حال لازمة لأنه عليه الصلاة و السلام ما زال ملتبسابنعمة ربهعز و جل وقيل : للقسم فنعمة ربك مقسم به وجواب القسم ما علم من الكلام وهو ما أنت بكاهن ولا مجنون وهذا كما تقول : ما زيد والله بقائم وهو بعيد والأقرب عندي أن الباء للسببية
الصفحة 35
200