كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)
لا يقفون على هذه المقالة وحدها وهم المكيدون لا أنت قولاوفعلاوحجة وسيفا وحقق ما ضمنه من الوعيد بقوله سبحانه : أم لهم إله غير الله فينجيهم من كيده وعذابه لاوالله سبحان الله عن أن يكون إله غيره ومنه يظهر أن حمل الذين كفروا على المريدين به كيدا أظهر في هذا المساق انتهى وكأن ما بعد تأكيدا لأمر طغيانهم ومزيد للوعيد ومبالغة في التسلية ويعلم مما ذكره لا زالت رحمة اللهتعالآ عليه متصلة أن أم في كل ذلك منقطعة وهي مقدرة ببل الأضرابية والأضرا ههنأ واقع على سبيل الترقي وبالهمزة وهي للإنكار وهي ما اختاره أبو البقاء وكثير من المفسرين وحكى الثعلبي عن الخليل أنه متصلة والمراد بها الأستفهام وعليك بما أفاده كلام ذلك الهمام والله تعالآ أعلم
ومما ذكروه من باب الإشارة في بعض الآيات والطور إشارة إلى قالب الإنسان وكتاب مسطور إشارة إلى سره فيرق منشور إشارة إلى قلبه والبيت المعمور إشارة إلى روحه والسقف المرفوع إشارة إلى صفته والبحر المسجور إشارة إلى نفسه المسجورة بنيران الشهوة والغضب والكبر وقيل : الطور إشارة إلى ما طار من الأرواح من عالم القدس والملكوت حتى وقع في شباك عالم الملك والكتاب المسطور في الرق المنشور إشارة إلى النقوش الإلهية المدركة بأبصار البصائر القدسية المكتوبة في صحائفالآفاق والبيت المعمور إشارة إلى قلب المؤمن المعمور بالمعرفة والإخلاص والسقف المرفوع إشارة إلى العالم العلوي المرفوع عن أرض الطبيعة والبحر المسجور إشارة إلى بحر القدرة المملوء منأنواع المقدرات التي لا تتناهى وقيل : إشارة إلى الفضاء الذي فيه الملائكة المهيمون ووصفه بالمسجور إما لأنه مملوء منهم وإما لأنه سجر بنيران الهيام ولذا لا يعلم أحدهم بسوى الله عز و جل وقيل : غير ذلك فويل يومئذ للمكذبين الذين هم في خوض يلعبون أي يخوضون في غمرات البحر اللجي الدنيوي ويلعبونفيها بزبدها الباطل ومتاعها القليل ويكذبون المستخلصين عن الأكدار المتحلين بالأنوار إذى أنذروهم أن المتقين هم أضداد أولئك فاكهين بماآثارهمربهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ووقاهم ربهم عذاب الجحيم وهو عذاب الحجاب كلوا من ثمرات المعارف المختصة باللطيفة النفسية وأشربوا من مياه العيون المختصة باللطيفة القلبية وسبح بحمد ربك حين تقوم أي مقام العبودية ومن الليل فسبحه أيعند نزول السكينة عليك وإدبار النجوم أي عند ظهور نور شمس الوجه وتسبيحه سبحانه عند ذلك بالأحتراز عن إثبات وجود غير وجوده تعالى الحق فإن إثبات ذلك شرك مطلق في ذلك المقام أعاذنا الله تعالى وإياكم من الشرك بحرمة الحبيب عليه الصلاة و السلام