كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)

استوى بمعنى ارتفع والعطف على علم والمعنى ارتفع إلى السماء بعد أن علمه وأكثر الآثار تقتضي ما تقدم
وهو بالأفق الأعلى
7
- أي الجهة العليا من السماء المقابلة للناظر وأصله الناحية وما ذكره أهل الهيئة معنى اصطلاحي وينقسم عندهم إلى حقيقي وغيره كما فصل في محله وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أن المراد به هنا مطلع الشمس وفي معناه قول الحسن : هو أفق المشرق والجملة في موضع الحال من فاعل استوى وقال الفراء والطبري : إن هو عطف على الضمير المستتر في استوى وهو عائد إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما أن ذلك عائد لجبريل عليه السلام وجوز العكس والجار متعلق باستوى وفيه العطف على الضمير المرفوع من غير فصل وهو مذهب الكوفيين مع أن المعنى ليس عليه عند الأكثرين ثم دنا أي ثم قرب جبريل عليه السلام من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فتدلى
8
- فتعلق جبريل عليه عليه الصلاة و السلام في الهواء ومنه تدلت الثمرة ودلي رجليه من السرير والدوالي الثمر المعلق كعناقيد العنب وأنشدوا لأبي ذؤيب يصف مشتر عسل : تدلى عليها بين سب وخيطة بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها ومن أسجاع ابنة الخس كن حذرا كالقرلي إن رأى خيرا تدلى وإن رأى شرأئ تولى فالمراد بالتدلي دنو خاص فلا قلب ولا تأويل بإرادةالدنوكما في الأيضاح نعم إن جعل بمعنى النزيل من علة كما يرشد إليه الأشتقاق كان له وجه فكان أي جبريل عليه السلام منالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم قاب قوسين أي من قسى العرب لأن الإطلاق ينصرف إلى متعارفهم والقاب وكذا القيب والقاد والقيد والقيس والمقدار وقرأ زيد بن علي قاد وقريء قيد وقدر وقدر وقد جاء التقدير بالقوس كالرمح والذراع وغيرهما ويقالأعلى ما بين مقبض القوس وسيتها وهي ما عطف من طرفيها فلكل قوس قابان وفسر به هناقيل : وفي الكلام عليه قلب أي فكان قابي قوس وفي الكشف لك أن تقول قابا قوس وقاب قوسين واحددون قلب وعن مجاهد والحسن أن قاب القوس ما بين وترها ومقبضها ولا حاجة إلى القلب عليه أيضا فإن هذا على ما قال : الخفاجي إشارة إلى ما كانت العرب في الجاهلية تفعلهإذاتحالفوا فإنهم كانوا يخرجون قوسين ويلصقون إحداهما بالأخرى فيكون القاب ملاصقا للآخر حتى كأنهما ذا قاب واحد ثم ينزعونهما معا ويرمون بهما سهما واحدا فيكونذلك إشارة إلى أن أحدهم رضا الآخر وسخطه سخطه لا يمكن خلافه وعن ابن عباس القوس هنا ذراع يقاس به الأطوال وإليه ذهب أبو رزين وذكر الثعلبي أنه من لغة الحجاز وأيا ما كان فالمعنى على حذف مضاف أي فكان ذا قاب قوسين ونحوه قوله : فادرك إبقاء العرادة ظلعها وقد جعلتني من خزيمة أصبعا فإنه على معنى ذا مقدار أصبع وهو القرب فكأنه قيل فكان قريبامنه وجوز أن يكون ضمير كان للمسافة يتأويلها بالبعد ونحوه فلا حاجة إلى اعتبار الحذف وليس بذاك أو أدنى
9
- أي أو أقرب من ذلك و أ للشك من جهة العباد على معنى إذارآه الرائي يقول : هو قاب قوسين أو أدنى والمراد إفادة شدة القرب فأوحى أي جبريل عليه السلام إلى عبده أي عبد الله وهو النبي صلى الله عليه و سلم والإضمار ولم يجر له تعالى ذكر لكونه في غاية الظهور ومثله كثير في الكلام ومنه ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة

الصفحة 48