كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)
أو مضارع مريته إذاغلبته في المراء على أنه من باب المغالبة ويجوز حمل ما في البيت عليه وعدي اتلفعل بعلى وكان حقه أن يعدى بفي لتضمينهمعنىالمغالبة فإن المجادل والجاحد يقصدان بفعلهما غلبة الخصم وقرأعبد الله فيما حكى ابن خالويه والشعبي فيما ذكر شعبة أفتمرونه بضم التاء وسكون الميم مضارع أمريت قالأ أبو حاتم : وهو غلظ والمراد بما يرى ما رآه من صورة جبريل عليه السلام وعبر بالمضارع استحضاراللصورة الماضية لما فيها من الغرابة وفي البحر جيء بصيغة المضارع وإن كانت الرؤية قد مضت إشارة إلى ما يمكن حدوثه بعد وقيل : المراد أفتمارونه على ما يرى من الصور التي يظهر بها جبريل عليه السلام بعدما رآه قبل وحققه بحيث لا يشتبه عليه بأي صورة ظهر فالتعبير بالمضارع على ظاهره ولقد رآه أي رأى النبي جبريل صلى الله عليه و سلم في صورته التي خلقه الله تعالى عليها نزلة أخرى
13
- أي مرة أخرى من النزول وهي فعلة من النزول أقيمت مقام المرة ونصبت نصبها على الظرفية لأن أصل المرة مصدر مر يمر ولشدة اتصال الفعل بالزمان يعبر به عنه ولم يقل مرة بدلها ليفيد أن الرؤيةفي هذه المرة كانت بنزول ودنو كالرؤية في المرة الأولى الدال عليها ما مر وقال الحوفي وابن عطية : إن نزلة منصوب على المصدرية للحال المقدرة أي نازلا نزلة وجوز أبو البقاء كونه منصوبا على المصدرية لرأى من معناه أي رؤية أخرى وفيه نظر والمراد من الجملة القيمسة نفي الريبة والشك عن المرة الأخيرة وكانت ليلة الإسراء عند سدرة المنتهى هيشجرة نبق عن يمين العرش في السماء السابعى على المشهور وفي حديث أخرجه أحمد ومسلم والترمذي وغيرهم في السماء نبقها كقلال هجر وأوراقها مثل آذان الفيلة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها وأخرج الحاكم وصححه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما مرفوعا يسير الراكب في الفنن منها مائة سنة والأحاديث ظاهرة في أنها شجرة نبق حقيقة
والنبات في الشاهد يكون ترابيا ومائيا وهوائيا ولا يبعد من الله تعالى أن يخلقه في أي مكان شاء وقد أخبر سبحانه عن شجرة الزقوم أنها تنبت في أصلالجحيم وقيل : إطلاقالسدرة عليها مجاز لأنها تجتمع عندها الملائكة عليهم السلام كما يجتمع الناس فيظل السدرة و المنتهى اسم مكان وجوز كونه مصدراميميا وقيل : لها سدرة المنتهى لأنها كما أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس إليها ينتهي علم كل عالم وما وراءها لا يعلمه إلا الله تعالى أو لأنها ينتهي إليها علم الأنبياءعليهم السلام ويعزب علمهم عما وراءها أو لأنها تنتهي إليها أعمال الخلائق بأن تعرض على الله تعالى عندها أو لأنها ينتهي إليها ما ينزل من فوقها وما يصعد من تحتها أو لأنها تنتهي إليها أرواح الشهداء أو أرواح المؤمنين مطلقاأو لانتهاء من رفع إليها في الكرامة وفي الكشاف كأنها منتهى الجنة وآخرها وإضافة سدرة إلى المنتهى من إضافة الشيء لمحله كما في أشجار البستان وجوز أن تكون من إضافة المحل إلى الحال كما في قولك كتاب الفقه وقيل : يجوز أن يكون المراد بالمنتهى الله عز و جل فالإضافة من إضافة الملك إلى المالك أي سدرة الله الذي إليه المنتهى كما قال سبحانه : وأن إلى ربك المنتهى وعد ذلك من باب الحذف والأيصالأ ولا يخفى أن هذا القول يكاد يكون المنتهى في البعد عندنا أي عند السدرة وجوز أن يكون الضمير للنزلة وهونازل عن رتبة القبول جنة المأوى
15
- التي يأوي إليها المتقون يوم القيامة كما روي عن الحسن واستدل به على أن الجنة في السماء وقال ابن عباس بخلاف عنه وقتادة :