كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)

ومنهم جاحد ثم قال جلا وعلا : يؤفك على الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك وذكر ذلك الزمخشري ولم يعزه وادعى صاحب الكشف أنه أوجه لتلائم الكلام وقيل : يجوز أن يكون الضمير لقول مختلف وعن للتعليل كما في قوله تعالى : وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وقوله : ينهون عن أكل وعن شرب مثل المها يرتعن فيخصب أي يصرف بسبب ذلك القول المختلفمن أراد الأسلام قال الزمخشري : حقيقته يصدر إفكهم عن القول المختلف وهذا محتمل لبقاء عن على أصلها من المجاوزة واعتبار التضمين وفيه ارتكاب خلاف الظاهر من غير داع مع ذهاب تلك المبالغة وجوز ابن عطية رجوع الضمير إلى القول إلا أنه قال : المعنى يصرف عن ذلك القول المختلف بتوفيق الله تعالى للسلام من غلبت سعادته وتعقبه بأن فيه مخالفة للعرف فإن عرف الأستعمالأ في الأفك الصرف منخير إلى شر فلذلك لا تجده إلا في المذمومين ثم إن ذلك على كون الخطاب في أنكم للكفار وهو الذي ذهب إليه ابن زيد وغيره واستظهر أبو حيان كونه عاما للمسلم والكافر واستظهر العموم فيما سبق أيضا والقول المختلف حينئذ قول المسلمين بصدق الرسول عليه الصلاة و السلام وقول الكفار بنقيض ذلك وقرأ ابن جبير وقتادة من أفك مبنيا للفاعل من أفك الناس عنه وهم قريش وقرأ زيدبن علي يأفك عنه من أفك أي يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب وقريء يؤفن عنه من أفن بالنون فيهما أييحرمه من حرم من أفن الضرع إذا أنهكه حلبا قتل الخراصون
10
- أي الكذابون من أصحاب القول المختلف وأصل الخرص الظن والتخمين ثم تجوزبه عن الكذب لأنه في الغالب يكون منشأله وقال الراغب : حقيقةذلك أن كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له : خرص سواء كان مطابقا للشيء أو مخالفا له من حيث أن صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع بل اعتمد فيه الظنوالتخمين كفعل خارص الثمرة في خرصه وكل من قال قولا على هذاالنحو قد يسمى كاذباوإن كان قوله مطابقا للمقول المخبر به كما في قوله تعالى : إذاجاءك المنافقون الآية انتهى
وفيه بحث وحقيقة القتل معروفة والمراد بقتل الدعاء عليهم مع قطع النظر عن المعنى الحقيق
وعن ابن عباس تفسيره باللعن قال ابن الأنباري : وإنما كان القتل بمعنى اللعنهنا لأن من لعنه الله تعالى بمنزلة المقتول الهالك وقريء قتل الخراصين أي قتل الله الخراصين الذين هم في غمرة في جهل عظيم يغمرهم ويشملهم شمول الماء الغامر لما فيه ساهون
11
- غافلون عما أمروا به فالمراد بالسهو مطلق الغفلة
يسئلون أي بطريق الأستعجال استهزاءا أيان يوم الدين
12
- معمول ليسألون علىأنه جار مجرى يقولون لما فيه من معنى القول أو لقول مقدر أي فيقولون متى وقوع يوم الجزاء وقدرالوقوع ليكون السؤال عن الحدث كما هو المعروف في أيان ولا ضمير في جعل الزمان زمانيا فإن اليوم لما جعل موعودا ومنتظرا في نحو قوله تعالى : فارتقب يوم تأتيالسماء صار ملحقا بالزمانيات وكذلك كل يومله أن مثل يوم العيد والنيروز وهذا

الصفحة 6