كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 27)

أخرج عنه ابن جرير وغيره أنه قال : صلوا فلما كان السحر استغفروا وقيل : المراد طلبهم المغفرة بالصلاة وعليه ما أخرج ابن المنذر وجماعة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : يستغفرون يصلون وأخرج ابن مردويه عنه ذلك مرفوعا ولا أراه يصح وأخرج أيضا عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن آخرالليل في التهجد أحب إلي من أوله لأن الله تعالى يقول : وبالأسحارهم يستغفرون وهو يحتمل لذلك التفسير والظاهر وفي أموالهم حق أي نصيب وافر يستوجبونه على أنفسهم تقربا إلى الله عز و جل وإشفاقا على الناس فهو غير الزكاة كما قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما
للسائل الطالب منهم والمحروم
19
- وهو المتعفف الذي يحسبه الجاهل غنيا فيحرم الصدقة من أكثر الناس
أخرج ابن جرير وابن حبان وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان قيل : فمن المسكين قال الذي ليس له ما يغنيه ولا يعلم مكانه فيتصدق عليه فذلك المحروم وفسره ابن عباس بالمحارف الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه ولا يسأل الناس وقيل : هو الذي يبعد منه ممكنات الرزق بعد قربها منه فيناله الحرمان وقال زيد بن أسلم : هو الذي اجتيحت ثمرته وقيل : من ماتت ماشيته وقيل : من ليس له سهم في الأسلام وقيل : الذي لا ينمو له مال وقيل : غير ذلك قال في البحر : وكذلك على سبيل التمثيل ويجمع الأقوال أنه الذي لا مال له لحرمان أصابه وأنا بقول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أقول وقال منذر بن سعيد هذا هو الحق هو الزكاة المفروضة وتعقب بأن السورة مكية وفرض الزكاة بالمدينة وقيل : أصل فريضة الزكاة بمكة والذي كان بالمدينة القدر المعروف اليوم وعن ابن عمر أن رجلا سأله عن هذا الحق فقال الزكاة وسوى ذلك حقوق فعمم والجمهور على الأول
وفي الأرض آيات دلائل من أنواع المعادن والنباتات والحيوانات أو وجوه دلالات من الدحو وارتفاع بعضها عن الماء واختلاف أجزائها في الكيفيات والخواص فالدليل على الأول ما في الأرض من الموجودات والظرفية حقيقة والجمع على ظاهره وعلى الثاني نفس الأرض والجمعية باعتبار وجوه الدلالة وأحوالها والظرفية من ظرف الصفة في الموصوف والدلالة على وجود الصانع جل شأنه وعلمه وقدرته وإرادته ووحدته وفرط رحمته عز و جل للموقنين
20
- للموحدين الذين سلكوا الطريق السوي البرهاني الموصل إلى المعرفة فهم نظارون بعيون باصرة وأفهام نافذة وقرأ قتادة آية بالأفراد وفي أنفسكم أي في ذواتكم آيات إذ ليسفي العالم شيء إلا وفي ذات الإنسان له نظير يدل مثل دلالته على ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهمة والتركيبات العجمية والتمكن من الأفعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة وآيات الأنفس أكثر من أن تحصى وقيل : أريد بذلك اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع ورواه عطاء عن ابن عباس وقيل : سبيل الطعام وسبيل الشراب والحق أن لا حصر أفلا تبصرون
21
- أي ألا تنظرون فلاتبصرون بعين البصيرة وهو تعنيف على ترك النظر في الآيات الأرضية والنفسية وقيل : في الأخير وفي السماء رزقكم أي تقديره وتعيينه أو أسباب رزقكم من النيرين والكواكب والمطالع

الصفحة 9