كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
في حيز الأمر وكذا قوله تعالى : ثم لتنبؤن بما عملتم أي لتحاسبن وتجرون بأعمالكم وزيد ذلك لبيان تحقق أمر آخر متفرع على البعث منوط به ففيه أيضا تأكيد له وذلك أي ما ذكر من البعث والجزاء على الله يسير
7
- لتحقق القدرة التامة وقبول المادة والفاء في قوله تعالى : فآمنوا مفصحة بشرط قد حذف يقة بغاية ظهوره أي إذاكان الأمر كذلك فآمنوا بالله الذي سمعتم ما سمعتم من شئونه عز و جل ورسوله محمد صلى الله تعالى عليه وسلم والنور الذيأنزلنا وهو القرآن فإنه بإعجازه بين بنفسه مبين لغيره كما أن النور كذلك والألتفات إلى نون العظمة لإبراز العناية بأمر الإنزال وفي ذلك من تعظيم شأن القرآن ما فيه والله بما تعملون من الأمتثال بالأمر وتركه خبير
8
- عالم بباطنه
والمراد كمال علمه تعالى بذلك وقيل : عالم بأخباره يوم يجمعكم ظرف لتنبؤن وقوله تعالى : وذلك على الله يسير وقوله سبحانه : فآمنوا إلى خبير من الأعتراض فالأول يحقق القدرة على البعث والثاني يؤكد ما سيق له الكلام من الحث على الإيمان به وبما تضمنه من الكتاب وبمن جاء به وبالحقيقةهو نتيجة قوله تعالى : لتبعثن ثم لتنبؤن قدم على معموله للأهتمام فجرى مجرى الأعتراض وقوله سبحانه : والله بما تعملون خبير اعتراض في اعتراض لأنه من تتمة الحث على الإيمان كما تقول : أعمل إني غير غافل عنك وقال الحوفي : ظرف لخبير وهو عند غير واحد من الأجلة بمعنى مجازيكم فيتضمن الوعد والوعيد
وجعله الزمخشري بمعنى معاقبكم ثم جوز هذا الوجه وتعقب بأنه يرد عليه أنه ليس لمجرد الوعيد بل للحث كيف لا والوعيد قد تم بقوله تعالى : لتنبؤن بما عملتم فلم يحسن جعله بمعنى معاقبكم فتدبر وجوز كونه منصوبا بإضمار اذكر مقدرا وتعقب بأنه وإن كان حسنا إلا أنه حذف لا قرينة ظاهرة عليه وجوز كونه ظرفا فالمحذوف بقرينة السياق أي يكون من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به نطاق المقال يوم يجمعكم وتعقب بأن فيه ارتكابحذف لا يحتاج إليه فالأرجح الوجه الأول وقريء يجمعكم بسكون العين وقد يسكن الفعل المضارع المرفوع مع ضمير جمع المخاطبين المنصوب وروي إشمامها الضم وقرأ سلام ويعقوب وزيد بن علي والشعبي نجمعكم بالنون ليوم الجمع ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون وقيل : الملائكة عليهمالسلام والثقلان وقيل غير ذلك والأول أظهر واللام قيل : للتعليل وفي الكلام مضاف مقدر أيلأجل ما في يوم الجمع من الحساب وقيل : بمعنى فلا تقدير ذلك يوم التغابن أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس ومجاهد وقتادة أنهم قالوا : يوم غبن فيه أهل الجنة أهل النار فالتفاعل فيه ليس على ظاهره كما في التواضع والتحامل لوقوعه من جانب واحد واختير للمبالغة وإلى هذا ذهب الواحدي
وقال غير واحد : أي يوم غبن فيه بعض الناس بعضا بنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس ففيالصحيح ما من عبد يدخل الجنة إلا أرىمقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا وما من عبد يدخل النار إلا أرى مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة وهومستعار من تغابن القوم في التجارة وفيه تهكم بالأشقيار لأنهم لا يغبنون حقيقة السعداء بنزولهم في منازلهم من النار أو جعل ذلك تغابنا مبالغة على طريق المشاكلة فالتفاعل على هذا