كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
يطلقن على النشوز على ما روي عن قتادة أيضا والأستثناء عليه قيل : راجع إلى الأول أيضا وفي الكشف هو راجع إلى الكل لأنه إذا سقط حقها في السكني حل الأخراج والخروج أيضا وأيا ما كان فليس في الآية حصر المبيح لفعل المنهي عنه بالإتيان بالفاحشة وقد بينت المبيحات في كتب الفروع فليراجعها من أراد ذلك
وقرأ ابن كثير وأبو بكر مبينة بالفتح وتلك إشارة إلى ما ذكر من الأحكام أي تلك الأحكام الجليلة الشأن حدود الله التي عينها لعباده عز و جل ومن يتعد حدود الله أي حدوده تعالى المذكورة بأن أخل بشيء منها على الإظهار في موضع الإضمار لتهويل أمر التعدي والإشعار بعلة الحكم في قوله تعالى : فقد ظلم نفسه أي أضر بها كما قال شخ الإسلام ونقل عن بعض تفسير الظلم بتعريضها للعقاب وتعقبه بأنه يأباه قوله سبحانه : لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
1
- فإنه استئناف مسوق لتعليل مضمون الشرطية وقد قالوا : إن الأمر يحدثه الله تعالى أن يقلب قلبه عما فعله بالتعدي إلى خلافه فلا بد أن يكون الظلم عن ضرر دنيوي يلحقه بسبب تعديه ولا يمكنه تداركه أو عن مطلق الضرر الشامل للدنيوي والأخروي وخص التعليل بالدنيوي لكون احتراز أكثر الناس منه أشد واهتمامهم بدفعه أقوى
ورد بأن الضرر الدنيوي غير محقق فلا ينبغي تفسير الظلم ههنا به وأن قوله تعالى : لا تدري الخ ليس تعليلا لما ذكر بل هو ترغيب للمحافظة على الحدود بعد الترهيب وفيه أنه بالترهيب أشبه منه بالترغيب ولعل المراد من أضر بها عرضها للضرر فالظلم هو ذلك التعريض ولا محذور فيتفسيره به فيما يظهر وجملة الترجي في موضع النصب ب لا تدري وعد أبو حيان لعل من المعلقات والخطاب في لا تدري للمتعدي بطريق الإلتفات لمزيد الأهتمام بالزجر عن التعدي لا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما قيل فالمعنى من يتعدىحدود الله تعالى فقد عرض نفسه للضرر فإنك لا تدري أيها المتعدي عاقبة الأمر لعل الله تعالى يحدثفي قلبك بعد ذلك الذي فعلت من التعدي أمرا يقتضي ما فعلته فيكون بدل بغضها محبة وبدل الأعراض عنها إقبالا إليها ولا يتسنى تلافيه برجعة أو استئناف نكاح فإذا بلغن أجلهن شارفن آخر عدتهن
فأمسكوهن فراجعوهن بمعروف بحسن معاشرة وإنفاق مناسب للحال من الجانبين
أو فارقوهن بمعروف بإيفاء الحق واتقاء الضرار مثل أن يراجعها ثم يطلقها تطويلا للعدة
وأشهدوا ذوي عدل منكم عند الرجعة إن اخترتموها أو الفرقة إن اخترتموها تبريا عن الريبة وقطعا للنزاع وهذا أمر ندب كما في قوله تعال : وأشهدوا إذا تبايعتم وقال الشافعي في القديم : إنه للوجوب في الرجعة وزعم الطبرسي أن الظاهر أنه أمر بالإشهاد على الطلاق وأنه مروي عن أئة أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وأنه للوجوب وشرط في صحة الطلاق وأقيموا الشهادة أي أيها الشهود عند الحاجة لله خالصا لوجهه تعال وفي الآية دليل عل بطلان قول من قال : إنه إذا تعاطف أمران لمأمورين يلزم ذكر النداء أو يقبح تركه نحو إضراب يا زيد وقم يا عمرو ومن خص جواز الترك بلا قبح باختلافهما كما في قوله تعالى : يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك فإن المأمور بقوله تعالى :