كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

أي فمن لم يجد رقبة فالواجب عليه صيام شهرين متتابعين من قبل التماس والمراد بمن لم يجد منلم يملك رقبه ولا ثمنها فاضلا عن قدر كفايته لأن قدرها مستحق الصرف فصار كالعدم وقدر الكفاية منالقوت للمحترف قوت يوم والذي يعمل قوت شهر على مافي البحر ومنله عبد يحتاج لخدمته واجد فلا يجزئه الصوم وهذا بخلاف من له مسكن لأنهكلباسه ولباس أهله وعند الشافعية المراد به من لم يملك رقبة أو ثمنا فاضلا كل منهما عن كفاية نفسه وعياله العمر الغالب نفقة وكسوة وسكنى وأثاثا لا بد منه وعن دينه ولو مؤجلا
وقالوا : إذا لم يفضل القن أو ثمنه عما ذكر لاحتياجه لخدمته لمنصب يأبى خدمته بنفسه أوضخامة كذلك بحيث يحصل له يعتقه مشقة شديدة لا تحتمل عادة ولا أثر لفوات رفاهية أو مرض به أوبممونه فلا عتق عليه لأنهفاقد شرعا كمن وجد ماءا وهو يحتاجه لعطش وإلى اعتبار كون ذلك فاقدا كواجد الماء المذكور ذهب الليث أيضا
والفرق عندنا على ما ذكره الرازي في أحكام القرآن أن الماء مأمور بإمساكه لعطشه وماستعماله محظور عليه بخلاف الخادم واليسار والأعسار معتبران وقت التكفير والأداء وبه قال مالك وعن الشافعي أقوال في وقتهما أظهرها كما هو عندنا قالوا : لأن الكفارة أعني الأعتاق عبادة لها بدل من غير جنمسها كضوء وتيمم وقيام صلاة وقعودها فاعتبر وقت أدائها وغلب الثاني كمذهب أحمد والظاهرية شائبة العقوبة فاعتبر وقت الوجوب كما لو زنى قن ثم عتق فإنه يحد حد القن والثالث الأغلظ منالوجوب إلى الأداء والرابع الأغلظ منهما وأعرض عمابينهما
ومن يملك رقبة إلا أنه دين على الناس فإن لم يقدرعلى أخذه من مديونه فهوفاقد فيجزئه الصوم وإن قدر فواجد فلا يجزئه وإن كان له مال وجب عليه دين مثله فهو فاقد بعد قضاء الدين وأما قبله فقيل فاقد أيضا بناءا على قول محمد أنهتحل له الصدقة المشير إلىأن ماله لكونه مستحقا الصرف إلى الدين ملحق بالعدم حكما وقيل : واجد لأنملك المديون في ماله كامل بدليل أنه يملك جميع التصرفات فيه
وفي البدائع لو كان في ملكه رقبة صالحة للنكفير فعليه تحريرها سواء كان عليه دين أو لم يكن لأنه واجد حقيقة وحاصله أنالدين لا يمنع تحرير الرقبة الموجودة ويمنع وجوب شرائها بما عنده من مثل الدين على أحد القولين والظاهر أن الشراء متى وجب يعتبر فيه ثمن المثل وصرح بذلك النووي وغيره من الشافعية فقالوا : لا يجب شراء الرقبة بغبن أي زيادة على ثمن مثلها نظير ما يذكر في شراء الماء للطهارة والفرق بينهمابتكرر ذلك ضعيف وعلى الأول كما قال الأذرعي وغيره نقلا عن الماوردي واعتمدوه لا يجوز العدول للصوم بل يلزمه الصبر إلى الوجود بثمن المثل وكذا لو غاب ماله فيكلف الصبر إلى وصوله أيضا ولا نظر إلى تضررهما بفوات التمتع مدة الصبر لأنه الذي ورط نفسه فيه انتهى
وما ذكروه فيما لو غاب ماله موافق لمذهبنا فيه ولو كان عليه كفارتا ظهار لامرأتين وفي ملكه رقبة فقط فصام عن ظهار إحداهما ثم أعتق عن ظهار الأخرى ففي المحيط في نظير المسألة ما يقتضي عدمإجزاء الصومعن الأول قال : عليه كفارتا يمين وعنده طعام يكفي لإحداهما فصام عن إحداهما ثم أطعم عن الأخرى لا يجوز صومه لأنه صام وهو قادر على التكفير بالمالفلا يجزئه ويعتبر الشهر بالهلال فلا فرق بين التام والناقص

الصفحة 14