كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
فمن صام بالأهلة واتفق أن كل شهر تسعة وعشرون حتى صار مجموع الشهرين ثمانية وخمسين أجزأه ذلك وإن غم الهلال اعتبر كما في المحيط كل شهر ثلاثين وإن صام بغير الأهلة فلا بد من ستين يوما كما في فتح القدير ويعتبر الشهر بالهلال عند الشافعية أيضا وقالوا : إن بدأ في أثناء شهر حسب الشهر بعدهبالهلال لتمامه وأتمالأول منالثالث ثلاثين لتعذر العلال فيه بتلفقه من شهرين وعلى هذا يتفق كون صيامه ستين وكونه تسعة وخمسين ولا يتعين الأول كما لا يخفى فلا تغفل وإن أفطر يوما من الشهرين ولو الأخير بعذر من مرض أو سفر لوم الأستئناف لزوال التتابع وهو قادر عليه عادة وقال أبو حيان : إن أفطر بعذر كسفر فقال ابن المسيب والحسن وعطاء وعمرو بن دينار والشعبي ومالك والشافعي في أحد قوليه : يبنى أه وإن جامع التي ظاهر منها منخلال الشهرين ليلا عامدا أو نهارا ناسيا استأنف الصوم عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف : لا يستأنف لأنه لا يمنع التتابع إذ لا يفسد به الصوم وهو الشرط ولهما أن المأمور به صيام شهرين متتابعين لا مسيس فيهما فإذا جامعها في خلالها لم يأت بالمأمور به وإنجامع زوجة أخرى غير المظاهر منها ناسيا لا يستأنف عند الأمام أيضا كما لو أكل ناسيا لأن حرمة الأكل والجماع إنما هو للصوم لئلا ينقطع التتابع ولا ينقطع بالنسيان فلا استئناف بخلاف حرمة المظاهرة فإنه ليس للصوم بل لوقوعه قبل الكفارة وتقدمها على المسيس شرط حلها فبالجماع ناسيا في أثنائه يبطل حكم الصومالمتقدم في حق الكفارة ثم إنه يلزم في الشهرين أن لا يكون فيهما صوم رمضان لأن التتابع منصوص عليه وشهر رمضان لا يقع عن الظهار لما فيه من إبطالما أوجب الله تعالى وأن لا يكون فيهما الأيام التي نهى عن الصوم فيها وهي يوما العيد وأيام التشريق لأنالصوم فيها ناقص بسبب النهي عنه فلا ينوب عن الواجب الكامل
وفي البحر : المسافر في رمضان له أن يصومه عن واجب آخر وفي المريض روايتان وصوم أيام نذر معينة في أثناء الشهرين بنية الكفارة لا يقطع التتابع ومن قدر على الأعتاق في اليوم الأخير من الشهرين قبل غروب الشمس وجب عليه الأعتاق لأن المراد استمرار عدم الوجود إلى فراغ صومهما وكان صومه حينئذ تظوعا والأفضل إتمام ذلك اليوم وإن أفطر لا قضاء عليه لأنه شرع فيه نسقطا لا ملتزما خلافا لزفر
وفي تحفة الشافعية لو بان صومهما أنله ما لا ورثه ولم يكن عالما به لم يعتد بصومه على الأوجه اعتبارا بما في نفس الأمرأي وهو واجد بذلك الأعتبار وليس في بالي حكم ذلك عند أصحابنا ومقتضى ظاهر ما ذكروه فيمنتيمم وفي رحله ماء غبره ولم يعلم به منصحة تيممه الأعتداد بالصوم ههنا وقد صرح الشافعية فيمن أدرج في رحله ماءا ولم يقصر في طلبه أو كان بقربه بئر خفية الآثار بعد مبطلان تيممه فلينظر الفرق بين ما هنا وما هناك ولعله التغليظ في أمر الكفارة دون التيمم فليراجع فمن لم يستطع أي صيام شهرين متتابعين وذلك بأن لم يستطع أصل الصيام أو بأن لم يستطع تتابعه لسبب من الأسباب ككبر أو مرض لا يرجى زواله كما قيده بذلك ابن الهمام وغيره وعليه أكثر الشافعية وقال الأقلون منهم كالأمام ومنتبعه وصححه في الروضة : يعتبر دوامه في ظنه مدة شهرين بالعادة الغالبة في مثله أو بقول الأطباء قال ابن حجر : ويظهر الأكتفاء بقول عدل منهم وصرح الشافعية بأن من تلحقه بالصيام أو تتابعه مشقة شديدة لا تحتمل عادة وإنلم تبح التيمم فيمايظهر غير مستطيع وكذا من خاف زيادة مرض وفي حديث أوس على ما ذكر أبو حيان أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين فقال : والله يا رسول الله