كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
ولا يجوزفي الكفارة إعطاء المسكين أقل من نصف صاع منالبر مثلا فقط ففي التاتارخانية لو أعطي ستين مسكينا كل مسكين مدا منالحنطة لم يجز وعليه أن يعيد مدا آخر على كل فإن لم يجد الأولين فأطى ستين آخرين كلا مدا لم يجز ولو أعطى كلا من المساكين مدا ثم استغنوا ثم افتقروا فأعاد على كل مدا لم يجز وكذا لو أعطى المكاتبين مدا مدا ثم ردوا إلى الرق ومواليهم أغنياء ثم كوتبوا ثانيا ثم أعاد عليهم لم يجز لأنهم صاروا بحال لا يجوز دفع الكفارة إليهم فصاروا كجنس آخر وعليه فالمراد بستين مسكينا ستون مسكينا لم يعرض لهم في أثناء الإطعام ما ينافي ذلك والظاهر أن فاعل إطعام هو المظاهر الغير المستطيع للصيام ولا فرق بين أن يباشر ذلك أو يأمر به غيره فإن أمر غيره فأطعم أجزأ لأنهاستقراض معنى فالفقير قابض له أولا ثم يتحقق تملكه ثم تمليكه والمراد بالمسكين ما يعم الفقير وقد قالوا : المسكين والفقير إذااجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ويشترط أن لا يكون المطعم أصله أو فرعه أوزوجته أومملوكه أو هاشميا لمزيد شرفه فيجل عن هذه الغسالة ولا حربيا ولو مستأمنا لمزيد خسته فليس أهلا لأدنى منفعة ويجوز أن يكون ذميا ولو دفع بتحر فبان أنه ليس بمصرف أجزأه عندهما خلافا لأبي يوسف كما في البدائع
واستنبط الشافعية منالتعبير بعدم الوجود عند الأنتقال إلى الصوم وبعدم الأستطاعة عند الأنتقال إلى الإطعام أنه لو كان له مال غائب ينتظره ولا يصوم ولو كان مريضا يرجى برؤه يطعم ولا ينتظر الصحة ليصوم وهو موافق لمذهبنا في الصوم لا في الأطعام كما سمعت ثم هذا الحكم في الأحرار أما العبد فلا يجوز له إلا الصوم لأنه لا يملك وإن ملك والأعتاق والأطعام شرطهما الملك فإن أعتق عنه المولى أو أطعم لم يجز ولو بأمره ويجب تقديم الأطعام على المسيس فإن قرب المظاهر المظاهرة في خلاله أثم ولم يستأنف لأنهعز و جل ما شرط فيه أن يكون قبل المسيس كما شرط فيما قبل ونحن لا نحمل المطلق على المقيد وإن كانا في حادثة واحدة بعد أن يكونا حكمين والوجوب قيل : لم يثبت إلا لتوهم وقوع الكفارة بعد التماس بيانه أنه لو قدر على العتق أو الصيام في خلال الأطعام أو قبله يلزمه التكفير بالمقدور عليه فلو جوز للعاجز عنهما القربان قبل الأطعام ثم اتفق قدرته فلزم التكفير به لزم أن يقع العتق التماس والمفضي إلى الممتنع ممتنع
وتعقب بأن فيه نظرا فإن القدرة حال قيام العجز بالفقر والكبر والمرض الذي لا يرجى زواله أمر موهوم وباعتبار الأمور الموهومة لا تثبت الأحكام ابتداءا بل يثبت الأستحباب ورعا فالأولى الأستدلال عل حرمة المسيس قبل الأطعام لمن يتعين كفارة له بما ورد من حديث اعتزلها حت تكفر ونحوه وما ذكر من أنه لو قدر عل العتق مثلا خلال الأطعام لزم التكفير به خالف فيه الشافعية
قال ابن حجر عليه الرحمة : لا أثر لقدرته على صوم أو عتق بعد الطعام ولو لمد كما لو شرع في صوم يوم منالشهرين فقدر على العتق أجاز بعض المسيس في خلال الأطعام من غير إثم ونقل ذلك عن أبي حنيفةرض عنه وهو توهم نشأ من عدم إيجابه الأستئناف وقد صرح في الكشاف بأنه لا فرق عند أبي حنيفة بين الكفارات الثلاثة في وجوب تقديمها على المساس وإن ترك ذكره عند الأطعام للدلالة على أنه إذا وجد في خلال الطعام لم يستأنف كما يستأنف الصوم
وجعل بعضهم ذكر القيد فيما قبل وتركه في الأطعام دليلا لأبي حنيفة في قوله : بعدم الأستئناف أي مع الأثم
وتعقبه ابن المنير في الأنتصاف بأن لقائل أن يقول لأبي حنيفة : إذا جعلت الفائدة في ذكر عدم التماس