كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

عليه في جاهليتكم وتلك الأحكام المذكورة حدود الله التي لا يجوز تعديها فألزموها وقفوا عندها وللكافرين أي الذين يتعدونها ولا يعملون بها عذاب أليم
4
- على كفرهم وأطلق الكافر على متعدي الحدود تغليظا لزجره ونظير ذلك قوله تعالى : ومن كفر فإن الله غني عن العالمين
إن الذين يحادون الله ورسوله أي يعادونهما ويشاقونهما لأن كلا من المتعاديين في حد وجهة غير حد الآخر وجهته كما أن كلا منهما في عدوة وشق غير عدوة الآخر وشقه وقيل : إطلاق ذلك على المتعاديين باعتبار استعمال الحديد لكثرة ما يقع بينهما منالمحاربة بالحديد كالسيوف والنصال وغيرها والأول أظهر وفي ذكر المحادة في أثناء ذكر حدود الله تعالى دونالمعاداة والمشاقة حسن موقع جاوز الحد وقال ناصر الدين البيضاوي : أو يضعون أو يختارون حدودا غير حدود الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ومناسبته لما قبله في غاية الظهور
قال المولى شيخ الأسلام سعد الله جلبي : وعلى هذا ففيه وعيد عظيم للملوك وأمراء السوء الذين وضعوا أمورا خلاف ما حده الشرع وسموها اليسا والقانون والله تعالى المستعان على ما يصفون أه وقال شهاب الدين الخفاجي بعد نقله : وقد صنف العارف بالله الشيخ بهاء الدين قدس الله تعالى روحه رسالة في كفر من يقول : يعمل بالقانون والشرع إذا قابل بينهما وقد قال الله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وقد وصل الدين إلى مرتبة من الكمال لا يقبل التكميل وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ولكن أين من يعقل ! انتهى
وليتني رأيت هذه الرسالة ووقفت على ما فيها فإن إطلاق القول بالكفر مشكل عندي فتأمل ثم إنه لا شبهة في أنه لا بأس بالقوانين السياسية إذا وقعت باتفاق ذوي الآراء من أهل الحل والعقد على وجه يحسن به

الصفحة 20