كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

الأنتظام ويصلح أمر الخاص والعام ومنها تعيين مراتب التأديب والزجر على معاص وجنايات لم ينص الشارع فيها على حد معين بل فوض الأمر في ذلك لرأي الأمام فليس ذلك من المحادة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه و سلم في شيء بل فيه استيفاء حقه تعالى على أتم وجه لما فيه من الزجر عن المعاصي وهو أمر مهم للشارع عليه الصلاة و السلام ويرشد إليه ما في تحفة المحتاج أن للأمام أن يستوفي التعزير إذا عفى صاحب الحق لأن الساقط بالعفو هو حق الآدمي والذي يستوفيه الأمام هو حق الله تعالى للمصلحة وفي كتاب الخراج للأمام أبي يوسف عليه الرحمة إشارة إلى ذلك أيضا ولا يعكر على ذلك ونحوه قوله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم لأن المراد كماله من حيث تضمنه ما يدل على حكمه تعالى خصوصا أو عموما ويرشد إلى هذا عدم النكير على أحد من المجتهدين إذا قال بشيء لم يكن منصوصا عليه بخصوصه ومن ذلك ما ثبت بالقياس بأقسامه نعم القانونالذي يكون وراء ذلك بأن كان مصادما لما نطقت به الشريعة الغراء زائغا عن سنن المحجة البيضاء فيه ما فيه كما لا يخفى على العارف النبيه وقد يقال في الآية على المعنى الذي ذكره البيضاوي : إن المراد بالموصول الواضعون لحدود الكفر وقوانينه كأئمة الكفر أو المختارون لها العاملون بها كأتباعهم ثم إن الآية على ما في البحر نزلت في كفار قريش كتبوا أي أخزوا كما قالقتادة أو غيظوا كما قالالفراء أو ردموا مخذولين كما قال ابن زيد أو أهلكوا كما قال أبو عبيدة والأخفش
وعن أبيعبيدة أن تاءه بدل من الدال والأصل كبدوا أي أصابهم داء في أكبادهم وقال السدي : لعنوا وقيل : الكبت الكب وهو الألقاء على الوجه وفسره الراغب هنا بالرد بعنف وتذليل وذلك إشارة عند الأكثرين إلى ما كان يوم الخندق وقيل : إلى ما كان يوم بدر وقيل : معنى كتبوا سيكبتون على طريقة قوله تعال : أت أمر الله وهو بشارة للمؤمنين بالنصر عل الكفار وتحقق كبتهم
كما كبت الذين من قبلهم من كفار الأمم الماضية المحادين لله عز و جل ورسله عليهم الصلاة والسلام وقد أنزلنا آيات بينات حالمن واو كبتوا أي كبتوا لمحادتهم والحال أنا قد أنزلنا آيات واضحات فيمن حاد الله تعالى ورسوله من قبلهم من الأمم وفيما فعلنا بهم وقيل : آيات تدل على صدق الرسول وصحة ما جاء به وللكافرين أي بتلك الآيات أو بكل ما يجب الإيمان به فتدخل فيه تلك الآيات دخولا أوليا عذاب مهين
5
- يذهب بزعمهم وكبرهم يوم يبعثهم الله منصوب بما تعلق به اللام من الأستقرار

الصفحة 22