كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
أو بمهيمن أو بإضمار اذكر أي اذكر ذلك اليوم تعظيما له وتهويلا وقيل منصوب بيكون مضمورا على أنهجواب لمنسألأ متى عذاب هؤلاء فقيل له : يوم يبعثهم أي يكون يوم الخ وقيل : بالكافرين وليس بشيء وقوله تعالى : جميعا حال جيء به للتأكيد والمعنى يبعثهم الله تعالى كلهم بحيث لا يبقى منهم أحد غير مبعوث ويجوز أن يكون حالا غير مؤكدة أي يبعثهم مجتمعين في صعيد واحد فينبئهم بما عملوا من القبائح ببيان صدورها عنهم أو بتصويرها في تلك النشأة بما يليق بها من الصور الهائلة على رءوس الأشهاد تخجيلا لهم وتشهيرا بحالهم وزيادة في خزيهم ونكالهم وقوله تعالى : أحصاه الله استئناف وقع جوابا عما نشأ مما قبله من السؤال إما عن كيفية التنبئة أو عن سببها كأنه قيل : كيف ينبئهم بأعمالهم وهي أعراضمتقضية متلاشية فقيل : أحصاه الله تعالى عددا ولم يفته سبحانه منه شيء وقوله تعالى : ونسوه حينئذ حال منمفعول أحصى بإضمار قد أو بدونه أو قيل : لم ينبئهم بذلك فقيل : أحصاه الله تعالى ونسوهفينبئهم به ليعرفوا أن ما عاينوه من العذاب إنما حاق بهم لأجله وفيه مزيد توبيخ وتنديم لهم غير التخجيل والتشهير واللهعلى كل شيء شهيد
6
- لا يغيب عنه أمر من الأمور أصلا والجملة اعتراض تذييلي مقرر لأحصائه تعالى أعمالهم وقوله تعالى : ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض استشهاد على شمول شهادته تعالى أي ألم تعلم أنه عز و جل يعلم ما فيهما منالموجودات سواء كان ذلك بالأستقرار فيهما أو بالجزئية منهما
وقوله تعالى : ما يكون مننجوى ثلاثة الخ استئناف مقرر لما قبله من سعة علمه تعالى و يكون من كان التامة و من مزيدة و نجوى فاعل وهي مصدر بمعنى التناجي وهو المسارة مأخوذة من النجوة وهي ما ارتفع من الأرض لأن المتسارين يخلوان وحدهما بنجوة من الأرض أ لأن السر يصان فكأنه رفع منحضيض الظهور إلى أوج الخفاء وقيل : أصل ناجيته منالنجاو وهو أن تعاونه على ما فيه خلاصه أو تنجو بسرك من أن يطلع عليه وهو مضافة إلى ثلاثة ما يقع من تناجي ثلاثة نفر وقد يقدر مضاف أي من ذوي نجوى أو يؤول نجوى بمتناجين فثلاثة صفة للمضاف المقدر أو لنجوى المؤول بما ذكر
وجوز أن يكون بدلا أيضا التأويل والتقدير المذكوران ليتأتى الأستثناء الآتي من غير تكلف وفي القاموس النجوى السر والمسارون اسم مصدر وظاهره أن استعماله في كل حقيقة فإذا أريد المساوون لم يحتج إلى تقدير أو تأويل لكن قال الراغب : إن النجوى أصله المصدر كما في الآيات بعد وقد يوصف به فيقال : هو نجوى وهم نجوى قال تعالى : وإذ هم نجوى وعليه يحتمل أن يكون من باب زيد عدل
وقرأأبو جعفر وأبو حيوة وشيبة ما تكون بالتاء الفوقية لتأنيث الفاعل والقراءة بالياء التحتية قال الزمخشري : على أن النجوى تأنيثها غير حقيقي و من فاصلة أو على أن المعنى ما يكون شيء من النجوى واختار في الكشف الثاني فقال : هو الوجه لأن المؤنث وحده لم يجعل فاعلا لفظا لوجود من ولا معنى لأن المعنى شيء منها فالتذكير هو الوجهلفظا ومعنى وهو قراءة العامة انتهى وإلى نحوه يشير كلام صاحب اللوامح وصرح بأن الأكثر في هذا الباب التذكير وتعقبه أبو حيان بالمنع وأن الأكثر التأنيث وأنه القياس