كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
وقال ابن السائب : في المنافقين والخطاب للرسول عليه الصلاة و السلام والهمزة للتعجيب من حالهم وصيغة المضارع للدلالة على تكرر عودهم وتجدده واستحضار صورته العجيبة وقوله تعالى : ويتناجون بالأثم والعدوان ومعصيت الرسول عطف عليه داخل في حكمه أي ويتناجون بما هو إثم في نفسه ووبال عليهم وتعد على المؤمنين وتواص بمخالفة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وذكره عليه الصلاة و السلام بعنون الرسالة بين الخطابين المتوجهين وإليه صلى الله عليه و سلم لزيادة تشنيعهم واستعظام معصيتهم
وقرأحمزة وطلحة والأعمش ويحيى بن وثاب ورويس وينتجون بنون ساكنة بعد الياء وضم الجيم مضارع انتجى وقرأ أبو حيوة العدوان بكسر العين حيث وقع وقريء معصيات بالجمع ونسبت فيما بعد إلى الضحاك وإذا جاؤك حيوك بما لم يحيك به الله صح منرواية البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة أن أناسا من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقالوا : السلام عليك يا أبا القاسم فقال عليه الصلاة و السلام : وعليكم قالت عائشة : وقلت : عليكمالسام ولعنكم الله وغضب عليكم وفي رواية عليكمالسام والذام واللعنة فقالعليه الصلاة و السلام : يا عائشة إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش فقلت : ألا تسمعهم يقولون : السام ! فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : أو ما سمعت أقول : وعليكم ! فأنزل الله تعالى وإذا جاؤك الآية
وأخرج أحمد والبهقي في شعب الإيمان بسند جيد عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن اليهود كانوايقولون لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سام عليك يريدون بذلك شتمه ثم يقولون في أنفسهم : لو لا يعذبنا الله بما نقول فنزلت هذه الآية وإذا جاؤك الخ والسام قال ابن الثير : المشهور فيه ترك الهمز ويعنون به الموت وجاء في رواية مهموزا ومعناه أنكم تسأمون دينكم وصرح الخفاجي بأنه بمعنى الموت عبراني ولم يذكر فيه الهمز وتركه
وقالالطبرسي : من قال : السام الموت فهو من سأم الحياة بذهابها وهذا إرجاع له إلى المهموز وجعل البيضاوي منالتحتية التي لم يحيه بها الله تعالى تحيتهم له عليه الصلاة و السلام بأنعم صباحا وهي تحية الجاهلية كعم صباحا ولم نقف على أثر في ذلك وقوله تعالى : ويقولون في أنفسهم أي فيمابينهم وجوز إبقاؤه على ظاهره لولا يعذبنا الله بما نقول أي هلا يعذبنا الله بسبب ذلك لو كان محمد صلى الله تعالى عليه وسلم نبيا أي لو كان نبيا عذبنا الله تعالى بسبب ما نقول منالتحتية أوفق بالأول لأن أنعم صباحا دعاء بخير والعدول إليه عن تحية الأسلام التي حيا الله تعالى بها رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم وأشير إليها بقوله تعالى : سلام على المرسلين وسلام على عباده الذين اصطفى وما جاء في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة اللهوبركاته ليس فيه كثير إثم يتوقع معه التعذيب الدنيوي حتى أنهم يقولون ذلك إذا لم يعذبوا اللهم إلا إذا انضم إليه أنهم قصدوا بذلك تحقيرا وإعلانا بعدم الأكتراث ولعل قائل ذلك هم المنافقون من المشركين وهو أظهر من كون قائله اليهود وحكم التحية به اليوم أنها خلاف السنة والقول بالكراهة غير يعيد
وفي تحفة المحتاج لا يستحق مبتدي بنحو صبحك الله بالخير أو قواك الله جوابا ودعاؤه له في نظيره حسن إلا أن يقصد بإهماله لهتأديبه لتركه سنة السلام انتهى وأنعم صباحا نحو صبحك الله بالخير غاية ما في الباب أنه