كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

دعاء كان يستعمل في الجاهلية نعم تحيتهم به له عليه الصلاة و السلام على الوجه الذي قصدوه حرام بلا خلاف حسبهم جهنم عذابا يصلونها يدخلونها أويقاسونحرها أو يصطلون بها
فبئس المصير
8
- أي جهنم يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم في أنديتكم وفي خلواتكم
فلا تتناجوا بالأثم والعدوان ومعصيت الرسول كما يفعله المنافقون فالخطاب للخاص تعريضا بالمنافقين وجوز جعله لهم وسموا مؤمنين باعتبار ظاهر أحوالهم
وقرأالكوفيون والأعمش وأبو حيوة ورويس فلا تنتجوا مضارع انتجى وقرأ ابن محيصن فلا تناجوا بإدغام التاء في التاء وقريء بحذف إحداهما وتناجوا بالبر والتقوى بمايتضمن خير المؤمنين والأتقاء عن معصية الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم واتقوا فيما تأتون وما تذرون الله الذي إليه وحده لا إلى غيره سبحانه استقلالا أو اشتراكا تحشرون
9
- فيجازيكم على ذلك إنما النجوى المعهودة التي هي التناجي بالأثم والعدوان والمعصية منالشيطان لا من غيره باعتبار أنه هو المزين لها والحامل عليها وقوله تعالى : ليحزن الذين آمنوا خبر آخر أي إنما هي ليحزن المؤمنين بتوبتهم أنها في نكبة أصابتهم وقريء ليحزن بفتح الياء والزاي فالذين فاعل وليس بضآرهم أي ليس الشيطان أو التناجي بضار المؤمنين شيئا من الأشياء أوشيئا من الضرر إلا بإذن الله أي بإرادته ومشيئته عز و جل وذلك بأن يقضي سبحانه الموت أو الغلبة على أقاربهم وعلى الله فليتوكل المؤمنون
10
- ولا يبالوا بنجواهم
وحاصله أنما يتناجى المنافقون به مما يحزن المؤمنين إن وقع فبإرادة الله تعالى ومشيئته لا دخل لهم فيه فلا يكترث المؤمنون بتناجيهم وليتوكلوا على الله عز و جل ولا يحزنوا منه فهذا الكلام لإزالة حزنهم ومنه ضعف ما أشار إليه الزمخشري من جواز أن يرجع ضمير ليس بضارهم للحزن وأجيب بأن المقصود يحصل عليه أيضافإنه غذا قيل : إن هذا الحزن لا يضرهم إلا بإرادة الله تعالى اندفع حزنهم هذا ومن الغريب ما قيل : إن الآيةنازلة في المنامات التي برأها المؤمن في النوم تسوؤه ويحزم منها فكأنها نجوى يناجي بها وهذا على ما فيه لا يناسب السباق والسياق كما لا يخفى ثم إن التناجي بين المؤمنين قد يكون منهيا عنه فقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذاكنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه ومثل التناجي في ذلك أن يتكلم اثنان بحضور ثالث بلغة لا يفهمها الثالث إن كان يحزنه ذلك ولما نهي عن التناجي والسرار علم منه الجلوس مع الملأ فذكر جل وعلا آدابه بعده بقوله عز و جل من قائل : يأيها الذين آمنواإذا قيل لكم تفسحوا في المجالس الخ أو لما نهي عز و جل عما هو سبب للتباغض والتنافر أمر سبحانه بما هو سبب للتواد والتوافق أي إذا قاللكم قائل كائنا منكان : توسعوا فليفسح بعضكم عن بعض في المجالس ولا تتضاموا فيها من قولهم : أفسح عني أيتنح والظاهر تعلق في المجالس بتفسحوا وقيل : متعلق بقيل
وقرأالحسن وداود بن أبيهند وقتادة وعيسى تفاسحوا وقرأ الأخيران وعاصم في المجالس والجمهور في المجلس بالأفراد فقيل : على إرادة الجنس لقراءة الجمع وقيل : على إرادة العهد والمراد به

الصفحة 28