كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
الزكاة والمعول عليه الأول ولم يعين مقدار الصدقة ليجزي الكثير والقليل أخرج الترمذي وحسنه وجماعة عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : لما نزلت يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الخ قال لي النبي صلى الله عليه و سلم : ما ترى في دينار قلت : لا يطيقونه قال : نصف دينار قلت : لا يطيقونه قال : فكم قلت : شعيرة قال : فإنكلزهيد فلما نزلت أأشفقتم الآية قال صلى الله تعالى عليه وسلم : خفف الله عن هذه الأمة ولم يعمل بها على المشهور غيره كرم الله تعالى وجهه وأخرج الحاكموصححه وابن المنذر وعبد بن حميد وغيرهمعنهكرم الله تعالى وجهه أنه قال : إنفي كتاب الله تعالى لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى يا أيها الذين آمنواإذا ناجيتم الرسول الخ كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه و سلم قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت أأشفقتم الآية وقيل : وهذا على القول بالوجوب محمول على أنهلم يتفق للأغنياء مناجاة في مدة بقاء الحكم واختلف في مدة بقائه فعن مقاتل أنه عشرة ليال وقال قتادة : ساعة من نهار وقيل : إنه نسخ قبل العمل به ولا يصح لما صح أنفا
وقريء صدقات بالجمع لجمع المخاطبين ذلك أي تقديم الصدقات خير لكم لما فيه من الثواب وأظهر وأزكى لأنفسكم لما فيه من تعويدها على عدم الأكتراث بالمال وإضعاف علاقة حبه المدنس لها وفيه إشاة إلى أنفي ذلك إعداد النفس لمزيد الأستفاضة من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عند المناجاة
وفي الكلام إشعار بندب تقديم الصدقة لكن قوله تعالى : فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم
12
- أي لمن لم يجد حيث رخص يبحانه له في المناجات بلا صدقة أظهرإشعارا بالوجوب
أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات أي أخفتم الفقر لأجل تقديم الصدقات فمفعول أشفقتم محذوف و أن على إضمار حرف التعليل ويجوز أن يكون المفعول أنتقدموا فلا حذف أي أخفتم تقديمالصدقات لتوهم ترتب الفقرعليه وجمع الصدقات لما أن الخوف لم يكن في الحقيقة منتقديم صدقة واحدة لأنه ليس مظنة الفقر من استمرار الأمر وتقديم صدقات وهذا أولى مما قيل : إن الجمع لجمع المخاطبين إذ يعلم منه وجه إفراد الصدقة فيما تقدم على قراءة الجمهور فإذ لم تفعلوا ما أمرتم به وشق عليكم ذلك وتاب الله عليكم بأن رخص لكم المناجاة من غير تقديم صدقة وفيه على ما قيل : إشعار بأن أشفاقهم ذنب تجاوز الله تعالى عنه لما رؤي منهم من الأنقياد وعدم خوف الفقر بعد ما قام مقام توبتهم وإذ على بابها أعني أنها ظرف لما مضى وقيل : إنها بمعنى إذ الظرفية للمستقبل كما في قوله تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم
وقيل : بمعنى إن الشرطية كأنه قيل : فإن لم تفعلوا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة والمعنى على الأولإنكم تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بالمثابرة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة واعتبرت المثابرة لأن المأمورينمقيمون للصلاة ومؤتون للزكاة وعدلعن فصلوا إلى فأقيموا الصلاة ليكون المراد المثابرة على توفية حقوق الصلاة ورعاية ما فيه كمالها لا على أصل فعلها فقط ولما عدلعن ذلك لما ذكر جيء بما بعده على وزانه ولم يقلوزكوا لئلا يتوهم أن المراد بتزكية النفس كذا قيل فتدبر وأطيعوا الله ورسوله أي في سائر الأوامر ومنهاما تقدمفي ضمن قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذاقيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا الآيات وغير ذلك