كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
والله خبير بما تعملون
13
- ظاهرا وباطنا
وعن أبي عمرو يعملون بالتحتية ألم تر تعجيب من حال المنافقين الذين كانوا يتخذون اليهود أولياء ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين وفيه على ما قال الخفاجي : تلوين بصرفه عن المؤمنين إلى اتلرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أي ألمتنظر إلى الذين تولوا أي والوا قوما غضب الله عليهم وهم اليهود ما هم أي الذين تولوا منكم معشر المؤمنين ولا منهم أي من أولئك القوم المغضوب عليهمأعني اليهود لأنهم منافقون مذبذبون بين ذلك وفي الحديث مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين غنمين أي المترددة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع
وجوز ابن عطية أن يكون هم للقوم وضمير منهم للذين تولوا ثم قال : فيكون فعل المنافقين على هذا أخس لأنهم تولوا مغضوبا عليهم ليسوا من أنفسهم فيلزمهم ذمامهم ولا من القوم المحقين فتكون الموالاة صوابا والأول هو الظاهر والجملة عليه مستأنفة وجوز كونها حالا من فاعل تولوا ورد بعدمالواو وأجيب بأنهم صرحوا بأن الجملة الأسمية المثبتة أو المنفية إذاوقعت حالا بالواو فقط وبالضمير فقط وبهما معا وما ههنا أتت بالضمير أعني هم وعلى ما قالابن عطية : في موضع الصفة لقوم
وذكر المولى سعد الله أن في منكم التفاتا وتعقب بأنه إن غلب فيه خطاب الرسول صلى الله عليه و سلم فظاهر أنه لا التفات فيه وإن لم يغلب فكذلك لا التفات فيه إذ ليس فيه مخالفة لمقتضى الظاهر لسبق خطابهم قبله وفي جعله التفاتا على رأي السكاكي نظر ويحلفون على الكذب عطف على تولوا داخل في حيز التعجيب وجوز عطفه على جملة ما هم منكم وصيغة المضارع للدلالة على تكرر الحلف وقوله تعالى : وهم يعلمون
14
- حال من فاعل يحلفون مفيدة لكمالشناعة ما فعلوا فإن الحلف على ما يعلم أنه كذب في غاية القبح واستدلبه على أن الكذبيعم ما يعلم المخبر مطابقته للواقع وما لا يعلم مطابقته له فيرد به على مذهبي النظام والجاحظإذ عليهما لا حاجة إليه وبحث فيه أنه يجوز أن يراد بالكذب ما خالف اعتقادهم وهم يعلمون بمعنى خلافه فيكون جملة حالية مؤكدة لا مقيدة نعم التأسيس هو الأصل لكنه غير متعين والأحتمال يبطل الأستدلال والكذب الذي حلفوا عليه دعواهم الأسلام حقيقة وقيل : إنهم ما شتموا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بناءا على ما روي أنه كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جالسا في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين فقال : إنكم سيأتيكمإنساتن ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاءكم فلا تكلموه فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق فقال عليه الصلاة و السلام حين رآه : علام تشتمني أنت وأصحابك فقال : ذرني آتك بهم فانطلق فدعاهم فحلفوا فنزلت وهذا الحديث أخرجه الأمام أحمد والبزاز وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس إلا أن آخره فأنزل الله يوم يبعثهم جميعا فيحلفون لهكما يحلفون لكم الآية والتي بعدها ولعله يريد أيضا اعتبار كون الكذب دعواهم أنهمما شتموا
وفي البحر رواية ذلك عن السدي ومقاتل وهو أنه عليه الصلاة و السلام قال لأصحابه : يدخل عليكم رجل قلبه قلب جبار وينظر بعيني شيطان فدخل عبد الله بن نبتل وكان أزرق أسمر قصيرا خفيف اللحية فقال صلى الله عليه و سلم :