كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
وقرأ نافع وابن عامر ورسلي بفتح الياء لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر آدون منحاد الله ورسوله خطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو لكل أحد يصلح له و تجد إما متعد إلى اثنين فقوله تعالى : يوادون الخ مفعوله الثاني وإما متعد إلى واحد فهو حال من مفعوله لتخصصه بالصفة وقيل : صفة أخرى له أي قوما جامعين بين الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر وبين موادة أعداء الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم وليس بذاك والكلام على ما في الكشاف من باب التخييل أن منالممتنع المحال أنتجد قوما مؤمنين يوادون المشركين والغرض منه أنهلا ينبغي أن يكونذلك وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال مبالغة في النهي عنه والزجر عن ملابسته والتصلب فيمجانبة أعداء الله تعالى وحاصل هذا على ما في الكشف أنه منفرضغير الواقع واقعا محسوسا حيث نفى الوجدان على الصفة وأريد نفي انبغاء الوجدان على تلك الصفة فجعل الواقع نفي الوجدان وإنما الواقع نفي الأنبغاء فخيل أنههو فالتصوير في جعل ما لا يمتنع ممتنعا وقيل : المراد لا تجد قوما كاملي الإيمان علىهذه الحال فالنفي باق على حقيقته والمراد بموادة المحادين موالاتهم ومظاهرتهم والمضارع قيل : لحكاية الحال الماضية و من حاد الله ورسوله ظاهر في الكافر وبعض الآثار ظاهر في شموله للفاسق والأخبار مصرحة بالنهي عن موالاة الفاسقين كالمشركين بل قال سفيان : يرون أنالآية المذكورة نزلت فيمن يخالط السلطان وفي حديث طويل أخرجه الطبراني والحاكم والترمذي عن واثلة بن الأسقع مرفوعا يقول اللهتبارك وتعالى : وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي
وأخرج أحمد وغيره عن البراء بن عازب مرفوعا أوثق الإيمان الحب في الله والبغض في الله
وأخرج الديلمي من طريق الحسن عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : اللهملا تجعل لفاجر في رواية ولا لفاسق على يدا ولا نعمة فيوده قلبي فإني وجدت فيماأوحيت إلى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله وحكى الكواشي عن سهل أنه قال : من صحح إيمانه وأخلص توحيده فإنه لا يأنس إلى مبتدع ولا يجالسه إلى مبتدع ولا يجالسه ولا يؤاكلهولا يصاحبه ويظهر له من نفسه العداوةوالبغضاء ومن داهن مبتدعا سلبه الله تعالى حلاوة السنن ومنتجبب إلى مبتدع يطلب عز الدنيا أو عرضا منها أذله الله تعالى بذلك العز وأفقره بذلك الغنى ومن ضحك إلى مبتدع نزغ الله تعالى نور الإيمان منقلبه ومن لم يصدق فليجرب انتهى
ومنالعجيب أن بعض المنتسبين إلى المتصوفة وليس منهم ولا قلامة ظفر يوالي الظلمة بل منلا علاقة له بالدين منهم وبنصرهم بالباطل ويظهر منمحبتهم ما يضيق عن شرحه صدر القرطاس وإذا تليت عليه آيات الله تعالىوأحاديث رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم الزاجرة عن مثل ذلك يقول : سأعالج قلبي بقراءة نحو ورقتين من كتاب المثنوي الشريف لمولانا جلال الدين القونوي قدس سره وأذهب ظلمته إن كانت بما يحصل لي من الأنوار حال قراءته وهذا لعمري هو الضلال البعيد وينبغي للمؤمنين اجتناب مثل هؤلاء ولو كانوا أي من حاذ الله تعالى ورسوله عليه الصلاة و السلام والجمع باعتبار معنى منكما أن الأفراد فيما قبل باعتبار لفظها آباءهم أي الموادين أو أبنآءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم فإن قضية الإيمان بالله تعالى