كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
إلى الشام فيكون لهم آخر حشر إليه أيضا ليتم التقابل وهو يوم القيامة من القبور ولا يخفى أنهضعيف الدلالة وفي البحر عن عكرمة والزهري أنهما قالا : المعنى لأول موضع الحشر وهوالشام وفي الحديث أنه صلى الله عليه و سلم قال لهم : اخرجوا قالوا : إلى أين قال : إلى أرض المحشر ولا يخفى ضعف هذا المعنى أيضا وقيل : آخر حشرهم أن نارا تخرج قبل الساعة فتحشرهم كسائر الناس من المشرق إلى المغرب وعن الحسن أنه أريد حشر القيامة إي هذا أوله والقيام من القبور آخره وهو كماترى وقيل : المعنى أخرجهم من ديارهم لأول جمع حشره النبي صلى الله عليه و سلم أو حشره الله عز و جل لقتالهم لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكن قبل قصد قتالهم وفيه من المناسبة لوصف العزة ما لا يخفى ولذا قيل : إنهالظاهر وتعقب بأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن جمع المسلمين لقتالهم في هذه المرة أيضا ولذا ركب عليه الصلاة و السلام حمارا مخطوما بليف لعدم المبالاة بهم وفيه نظر وقيل : لأول جمعهم للمقاتلة مع المسلمين لأنهم لم يجتمعوا لها قبل والحشر إخراج جمع سواء كان من الناس لحرب أو لا نعم يشترط فيه كونالمحشور جمعا من ذوي الأرواح لا غير ومشروعية الإجلاء كانتفي ابتداء الإسلام وأما الآن فقد نسخت ولا يجوزإلا القتل أو السبي أو ضرب الجزية ما ظننتم أيها المسلمون أن يخرجوا لشدة بأسهم ومنعتهم ورثاقة حصونهم وكثرة عددهم وعدتهم
وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله أي ظنوا أن حصونهم ما نعتهم أوتمنعهم من بأس الله تعالى فحصونهم مبتدأ وما نعتهم خبر مقدم والجملة خبر أن وكان الظاهر لمقابلة ما ظننتم أنيخرجوا وظنوا أن لا يخرجوا والعدول إلى ما في النظم الجليل للأشعار بتفاوت الظنين وأنظنهم قارب اليقين فناسب أن يؤتى بما يدل على فرط وثوقهم بما هم فيه فجيء بمانعتهم وحصونهم مقدما فيه الخبر على المبتدأ ومدار الدلالة التقديم لما فيه من الأختصاص فكأنهلا حصن أمنع من حصونهموبمايدل على اعتقادهم في أنفسهم أنهمفي عوة ومنعة لا يبالي معهما بأحد يتعرض لهم أويطمع فيمعازتهم فجيء بضمير هم وصير اسما لأنوأخبر عنه بالجملة لما في ذلك من التقوى على ما في الكشف وشرح الطيبي وفي كونذلك من باب التقوى بحث ومنع بعضهم جواز الأعراب السابق بناءا على أن تقديم الخبر المشتق على المبتدأ المحتمل للفاعلية لا يجوز كتقديم الخبر إذا كان فعلا وصحح الجواز في المشتق دون الفعل نعم اختار صاحب الفرائد أن يكون حصونهم فاعلا لما نعتهم لاعتماده على المبتدأ
وجوز كون ما نعتهم مبتدأ خبره حصونهم وتعقب بأن فيه الأخبار عن النكرة بالمعرفة إن كانت إضافة مانعة لفظية وعدم كون المعنى على ذلك إن كانت معنوية بأنقصد استمرار المنع فتأمل وكانت حصونهم على ما قيل : أربعة الكتيبة والوطيح والسلالم والنطاة وزاد بعضهم الوحدة وبعضهم شقا والذيفي القاموس أنهموضع بخيبر أو واد به فأتاهم الله أي أمره سبحانه وقدرهعز و جلالمتاح لهم من حيث لم يحتسبوا ولم يخطر ببالهم وهو على ما روي عن السدي وأبي صالح وابن جريج