كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
وهذه الجملةإما نفس الجزاء وقد حذف منه العائد إلى من عند من يلتزمه أي شديد العقاب له أو تعليل للجزاء المحذوف أي يعاقبه الله فإن الله شديد العقاب وأيا ما كان فالشرطية تكملة لما قبلها وتقرير لمضمونه وتحقيق للسببية بالطريق البرهاني كأنه قيل : ذلك الذي نزل وسينزل بهم منالعقاب بسبب مشاقتهم لله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم وكان من يشاق الله تعالى كائنا من كان فله بسبب ذلك عقاب شديد فإذا لهم عقاب شديد ما قطعتم منلينة هي النخلة مطلقا على ما قال الحسن ومجاهد وابن زيد وعمرو بن ميمون والراغب وهي فعلة من اللون وياؤها مقلوبة من واو لكسر ما قبلها كديمة وتجمع على ألوان وقالابن عباس وجماعة من أهل اللغة : هي النخلة ما لم تكن عجوة وقال أبو عبيدة وسفيان : ما تمرها لون وهو نوع من التمر قالسفيان : شديد الصفرة يشف عن نواه فيرى من خارج وقال أبو عبيدة أيضا : هي ألوان النخل المختلطة التي ليس فيها عجوة ولا برني وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه : هي العجوة وقال الأصمعي : هي الدقل وقيل : هي النخلة القصيرة وقال الثوري : الكريمة من النخل كأنهماشتقوها من اللين فتجمع على لين وجائ جمعها ليانا كما في قول امريء القيس : وسفالة كسحوق الليان أضرم فيه القوي السعر وقيل : هي أغصان الأشجار للينها وهو قول شاذ وأنشدوا على كونها بمعنى النخلة سواء كانت من اللون أو من اللين قول ذي الرمة : كأنقنودي فوقها عش طائر على لينة سوقاء تهفو جنوبها ويمكن أن يقال : أراد باللينة النخلة الكريمة لأنهيصف الناقة بالعراقة في الكرم فينبغي أن يرمز في المشبهبه إلى ذلك المعنى و ما شرطية منصوبة بقطعتم و من لينة بيان لها ولذا أنث الضمير في قوله تعالى : أوتركتموها قآئمة على أصولها أيأبقيتموها كانتولم تتعرضوا لها بشيء ما وجواب الشرط قوله سبحانه : فبإذن الله أي فذلك أي قطعها أو تركها بأمر الله تعالى الواصل إليكم بواسطة رسوله صلى الله عليه و سلم أو بإرادته سبحانه ومشيئته عز و جل وقرأ عبد الله والأعمش وزيد بنعلي قوما على وزن فعل كضربجمعقائم وقريء قائما اسم فاعل مذكر على لفظ ما وأبقى أصولها على التأنيث وقريء أصلها بضمتين وأصله أصولها فحذفت الواو اكتفاءا بالضمة أوهوكرهن بضمتين من غير حذف وتخفيف
وليخزي الفاسقين
5
- متعلق بمقدر علىأنه علة له وذلك المقدر عطف على مقدر آخر أي ليعز المؤمنينوليخزي الفاسقين أي ليذلهمأذن عز و جل في القطع والترك وجوز فيه أن يكون معطوفا علىقوله تعالى : بإذن الله وتعطف العلة على السبب فلا حاجة إلى التقدير فيه والمراد بالفاسقين أولئك الذين كفروا من أهل الكتاب ووضع الظاهر موضع المضمر إشعارا بعلة الحكم واعتبار القطع والترك فيالمعللهو الظاهروإخزاؤهم بقطع اللينة لحسرتهم على ذهابها بأيدي أعدائهم المسلمين وبتركها لحسرتهم على بقائها في أيدي أولئك الأعداء كذا في الأنتصاف
قال بعضهم : وهاتان الحسرتان تتحققان كيفما كانت المقطوعة والمتروكة لأن النخل مطلقا مما يعز على أصحابه فلا تكاد تسمح أنفسهم بتصرف أعدائهم فيه حسبما شاءوا وعزته على صاحبه الغارس له أعظم منعزته