كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

وقال الضحاك : كانت له صلى الله عليه و سلم خاصة فآثر بها المهجرين وقسمها عليهم ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا أبا دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف والحرث بن الصمة أعطاهم لفقرهم وذكر نحوه ابن هشام إلا أنه ذكر الأولين ولم يذكر الحرث وكذا لم يذكره ابن سيد الناس وذكر أنه أعطى سعد بن معاذ سيفا لابن أبيالحقيق كان له ذكر عندهم ومعنى ما أوجفتم عليهم ماأجريتم على تحصيله منالوجيف وهو سرعة السير وأنشد عليه أبو حيان قول نصيب : ألا رب ركب قد قطعت وجيفهم إليك ولو لا أنتلم توجف الركب وقالابن هشام : أوجفتم حركتم وأتعبتم في السير وأنشد قول تميم بن مقبل : مذ أويد بالبيض الحديث صقالها عن الركب أحيانا إذا الركب أوجفوا والمآل واحد و من في قوله تعالى : من خيل زائدة في المفعول للتنصيص على الأستغراق كأنهقيل فماأوجغتم عليه فردا من أفراد الخيل أصلا ولا ركاب ولا ما يركب من الأبلغلب فيه كما غلب الراكب على راكبه فلا يقال في الأكثر الفصيح : راكب لمنكان على فرس أو حمار ونحوه بل يقال : فارسونحوه وإن كان ذلك عاما لغيره وضعا وإنما لم يعلموا الخيل ولا الركاب بل مشوا إلى حصون بن النضير رجالا إلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه كان على حمار أو على جمل كما تقدم لأنها قريبة على نحو ميلين من المدينة فهي قريبة جدا منها وكان المراد إن ما حصل لم يحصل بمشقة عليكم وقتال يعتد به منكم ولهذا لم يعط صلى الله تعالى عليه وسلم الأنصارإلا منسمعت وأما إعطاؤه المهاجرين فلعله لكونه غرباءفنزلت غربتهم منزلة السفر والجهاد ولماأشير إلى نفي كون حصول ذلك بعملهم أشير إلى علة حصوله بقوله عز و جل : ولكن الله يسلط رسلهعلى من يشاء أيولكن سنته عز و جل جارية على أن يسلط رسلهعلى من يشاء من أعدائهمتسليطا خاصا وقد سلط رسوله محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم على هؤلاء تسليطا غير معتاد من غير أنتقتحموا مضايق الخطوب وتقاسوا شدائد الحروب فلا حق لكم في أموالهم ويكونأمرها مفوضا إليه صلى الله تعالى عليه وسلم والله على كل شيء قدير
6
- فيفعل ما يشاء كما يشاءتارة علىالوجوهالمعهودة وأخرى على غيرها وقيل : الآية في فدك لأن بني النضير حوصروا وقوتلوا دون أهل فدك وهو خلاف ما صحتبه الأخبار والواقع من القتال شيء لا يعتد به
ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل بيان لحكم ما أفاءه الله تعالى على رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم منقرى الكفار على العموم بعد بيان حكم ما أفاءه منبني النضير كما رواه القاضي أبو يوسف في كتاب الخراج عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ويشعر به كلامه رضي الله تعالى عنه في حديث طويل فيه مرافعة علي كرم الله تعالى وجهه والعباس في أمر فدك أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم فالجملة جوابسؤال مقدر ناشيء مما فهم من الكلام السابق فكأنقائلا يقول : قد علمنا حكم ما أفاء الله تعالى منبني النضير فما حكمما أفاء عز و جل من غيرهم فقيل : ما أفاء الله علىرسوله من أهلالقرى الخ ولذا لم يعطف على ما تقدم ولم يذكر في الآية قيد الإيجاف ولا عدمه والذي يفهم من كتب بعض الشافعية أن ما تضمنته حكم

الصفحة 45