كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

وأهمها سد الثغور ورد سهمه صلى الله تعالى عليه وسلم بعد وفاته للمسلمين الدال عليه قوله عليه الصلاة و السلام في الخبر الصحيح : ما لي مما أفاء الله تعالى عليكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم صادق بصرفه لمصالح المسلمين كما أنه صادق بضمه إلى السهام الباقية فيقسم معها الأصناف ولا يسلم ظهوره في هذا دون ذاك وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل فهذه خمسة أسهم الخمس والمراد بذي القربى قرابته صلى الله عليه و سلم والمراد بهمبنو هاشم وبنو عبد المطلب لأنهص وضع السهم فيهم دون بني أخيهما شقيقهما عبد شمس ومنذريته عثمان وأخيهما لأبيهما نوفل مجيبا عن ذلكبقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : نحن وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه رواه البخاري أي لم يفارقوا بني هاشم في نصرته صلى الله تعالى عليه وسلم جاهلية ولا إسلاما وكأنه لمزيد تعصبهم وتواقفهم حتى كأنهم على قلب رجل واحد قيل : لذي القربى دون لذوي بالجمع
قال الشافعية : يشترط في هذا السهم الغني والفقير لأطلاق الآية ولأعطائه صلى الله تعالى عليه وسلم العباس وكان غنيا بل قيل : كان له عشرونعبدا يتجرون له والنساء لأنفاطمة وصفية عمة أبيها رضي الله تعالى عنهما كانا يأخذان منه ويفضل الذكر كالآرث بجامع أنه استحقاق بقرابة الأب فله مثل حظي الأنثى ويستوي فيه العالم والصغير وضدهما ولو أعرضوا عنه لم يسقط كالأرث ويثبت كون الرجل هاشميا مطلبيا بالبينة وذكر جمع أنه لا بد معها من الأستفاضة وبقول الشافعي قال أحمد وعند مالك الأمر مفوض إلى الإمام إن شاء قسم بينهم وإن شاء أعطى بعضهم دون بعض وإن شاء أعطى غيرهم إن كان أمره أهم من أمرهم
وقال المزني والثوري : يستوي الذكر والأنثى ويدفع للقاصي والداني ممن له قرابة والغني واتلفقير سواء لأطلاقالنص ولأنالحكمالمعلق بوصف مشتق معلل بمبدأ الإشتقاق وعندنا ذو القربى مخصوص ببني هاشم وبني المطلب للحديث إلا أنهم ليس لهم مستقل ولا يعطون مطلقا وإنما يعطى مسكينهم ويتيمهم وابن سبيلهملاندراجه في اليتامى والمساكين وابن السبيل لكنيقدمون على غيرهم من هذه الأصناف لأن الخلفاء الثلاثة لم يخرجوا لهم سهما مخصوصا وإنما قسموا الخمس ثلاثة أسهم : سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل وعلي كرم الله تعالى وجههفي خلافته لم يخالفهم في ذلك مع مخالفته لهم في مسائل ويحمل على الرجوع إلىرأيهم إن صح عنه أنهكان يقول : سهم ذوي القربى على ما حكى عن الشافعي وفائدة ذكرهم على القول بأناستحقاقهم لوصف آخر غير القرابة كالفقر دفع توهم أن الفقير منهم مثلا لا يستحق شيئا لأنه منقبيل الصدفة ولا تحل لهم ومنتتبع الأخبار وجد فيها اختلافا كثيرا ومنها ما يدل على أن الخلفاء كانوايسهمونهممطلقا وهو رأي علماء أهل البيت واختار بعض أصحابنا أن المذكور في الآية مصارف الخمس على معنى أنكلا يجوز أن يصرف له لا المستحقين فيجوز الأقتصار عندنا على صنف واحد كأنيعطى تمام الخمس لابن السبيل وحدهمثلا
والكلام مستوفي في شروح الهداية والمراد باليتامى الفقراء منهم قال الشافعية : اليتيم هو صغير لا أبله وإن كان له جد ويشترط إسلامه وفقره أو مسكنته على المشهور أن لفظ اليتيم يشعر بالحاجة وفائدة ذكرهممع شمولالمساكين لهم عدم حرمانهملتوهم أنهم لا يصلحون للجهاد وإفرادهم بخمس كامل ويدخل فيهم ولد الزنا والمنفي لا اللقيط على الأوجه لأنا لم نتحقق فقد أبيه على أنه غني بنفسه في بيت المال ولا بد في ثبوت اليتيم

الصفحة 47