كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
والناس ألف منهم كواحد وواحد كالألف إن أمر عنا ويفهم من الآية ذم الشح جدا وقد وردت أخبار كثيرة بذمه أخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن مردويه عن أنس مرفوعا ما محق الإسلام محق الشح قط وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والبيهقي في الشعب والحاكم وصححه عن أبيهريرة مرفوعا لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان نار جهنمفي جوف عبد أبدا ولا يجتمع الإيمان والشح في قلب عبد أبدا
وأخرج أبو داود والترمذي وقالغريب والبخاري في الأدب وغيرهم عن أبيسعيد الخدري مرفوعا خصلتانلا يجتمعان في جوف مسلمالبخل وسوء الخلق وأخرجابن أبي الدنيا وابن عدي والحاكم والخطيب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : خلق الله تعالى جنة عدن وغرس أشجارها بيده ثم قال لها : انطقي فقال : قد أفلح المؤمنون فقال الله عز و جل : وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب ومسلم والبيهقي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله عليه الصلاة و السلام قال : اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإنالشح قد أهلك من كان قبلكمحملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم إلى غير ذلك من الأخبار لكن ينبغي أنيعلم أن تقوي الشح لا تتوقف على أن يكون الرجل جوادا بكل شيء فقد أخرج عبد بن حميد وأبو يعلى والطبراني والضياء عن مجمع بن يحيى مرفوعا بريء من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأدى في النائبة
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله ما يقرب منه وكذا ابن جرير والبيهقي عن أنس وأخرج ابن المنذر عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : من أدى زكاة ماله فقد وقى شح نفسه وقوله تعالى : والذين جآءوا من بعدهم عطف عند الأكثرين أيضا على المهاجرين والمراد بهؤلاء قيل : الذين هاجروا حين قوي الأسلام فالمجيء حسي وهو مجيئهم إلى المدينة وضمير من بعدهم للمهاجرين الأولين وقيل : همالمؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة فالمجيء إما إلى الوجود أو إلى الإيمان وضمير من بعدهم للفريقين المهاجرين والأنصار وهذا هو الذي يدل عليه كلام عمر رضي الله تعالى عنه وكلام كثير من السلف كالصريحفيه فالآية قد استوعبت جميع المؤمنين وجملة قوله تعالى : يقولون الخ خالية وقيل : استئناف ربنا اغفر لنا ولإخواننا أي في الدين الذي هو أعز وأشرف عندهم من النسب الذين سبقونا بالإيمان وصفوهم بذلك اعترافا بفضلهم ولا تجعل في قلوبنا غلا أي حقدا وقريء غمرا للذين آمنوا على الإطلاق ربنآ إنك رءوف رحيم
10
- أي مبالغ في الرأفة والرحمة فحقيق بأن تجيب دعاءنا وفي الآيةحث على الدعاء للصحابة وتصفية القلوب من بغض أحد منهم وأخرج عبد بن حميد وابنالمنذر وجماعة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : أمرواأنيستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية والذين جاءوا الخ
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهم أنه سمع رجلا وهو يتناول بعض المهاجرين فدعاه