كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
يعملا فيها بما كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يعملبه فيها فتنازعا إن الله تعالى قال : ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليهم من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله علىكل شيء قدير فكانتلرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خاصة ثم قال سبحانه : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى إلى آخر الآية ثم واله ما أعطاها هؤلاء وحدهم حتى قال تعالى : للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضواناوينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ثم والله ما جعلها لهؤلاء وحدهم حتى قال سبحانه : والذينجاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا إلى قوله تعالى : رحيم فقسمها هذا القسم على هؤلاء الذين ذكر ولئن بقيت ليأتين الرويعي بصنعاء حقه ودمه في وجهه وظاهر هذا الخبر يقتضي أن للمكهاجرين سهما غير السهام السابقة فلا يكون للفقراء بدلا من لذي القربى وما بعده ولا مما بعده دونه وكذا ظاهر ما في مصحفعبد الله وزيد بن ثابت كما أخرجه ابن الأنباري في المصاحف عن الأعمش ما أفاء اللهعلى رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والمهاجرين في سبيل الله على أن الإبدال يقتضي ظاهرا كون اليتامى مهاجرين أخرجوا من ديارهم وأموالهم إلى آخر الصفات وفي صدق ذلك عليهم بعد وكذا يقتضي كونابن السبيل كذلك وفيه نوع بعد أيضا كما لا يخفى فلعله اعتبر تعلقه بفعل محذوف والجملة استئناف بياني وذلك أنهمكانوا يعلمون أن الخمس يصرف لمن تضمنه قوله تعالى : فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فلما ذكر ذلك انقدح في أذهانهم أنالمذكورين مصرف الخمس ولميعلموا مصرف الأخماس الأربعة الباقية فكأنهم قالوا : فلمن تكون الأخماس الأربعة الباقية أو فلمن يكون الباقي فقيل : تكون الأخماس الأربعة أو يكون الباقي للفقراء المهاجرين إلى آخره ولم أر من تعرض لذلك فتأمل والله تعالى الهادي إلى أحسن المسالك
ألم تر إلى الذين نافقوا حكاية لما جرى بين الكفرة والمنافقين من الأقوال الكاذبة والأحوال الفاسدة وتعجيب منها حكاية محاسن أحوال المؤمنين على اختلاف طبقاتهم والخطاب لرسول الله عليه الصلاة و السلامأو لكل أحد ممتن يصلح للخطاب والآية كما أخرج ابن إسحاق وابن المنذر وأبو نعيم عن ابن عباس نزلت في رهط من بني عوف منهمعبد الله بن أبي بن سلوان ووديعة بن مالك وسويد وداعش بعثوا إلى بني النضير بما تضمنته الجمل المحكية بقوله تعالى : يقولون الخ
وقال السدي : أسلم ناس من بني قريظة والنظير وكان فيهم منافقون فبعثوا إلى بني النضير ما قص الله تعالى والمعول عليه الأول وقوله سبحانه : يقولون استئناف لبيان المتعجب منه وصيغة المضارع للدلالة على استمرار قولهم أولاستحضار صورته واللام في قوله عز و جل : لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب للتبليغ والمراد بأخوتهم الأخوة في الدين واعتقاد الكفرة أو الصداقة وكثر جمع الأخ مرادا به ما ذكر إخوان ومرادا به الأخوة في النسب على إخوة وقل خلاف ذلك واللام في قوله تعالى : لئن أخرجتم موطئة للقسم وقوله سبحانه لنخرجن معكم جواب القسم أي والله لئن أخرجتم من دياركم قسرا لنخرجن من ديارنا معكم ألبتة ونذهبن في صحبتكم أينما ذهبتم