كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
ولا نطيع فيكم في شأنكم أحدا يمنعنا من الخروج معكم وهو لدفع أن يكونوا وعدوهم الخروج بشرط أن يمنعوا منه أبدا وإن طال الزمان وقيل : لا نطيع فيقتالكم أو خذلانكم قال في الإرشاد : وليس بذاك لأن تقدير القتالمترقب بعد ولآن وعدهم لهم على ذلك التقدير ليسمجرد طاعتهم لمنيدعوهم إلى قتالهم بل نصرتهم عليه كما ينطق به قوله تعالى : إن قوتلتم لننصرنكم أي لنعاوننكم على عدوكم على أن دعوتهم إلى خذلان اليهود مما لا يمكن صدوره عنر صلى الله عليه و سلم والمؤمنين حتى يدعوا عدم طاعتهم فيها ضرورة أنها لو كانت لكانتعند استعدادهم لنصرتهم وإظهار كفرهم ولا ريب في أنما يفعله عليه الصلاة و السلام عند ذلك قتلهم لا دعوتهم إلى ترك نصرتهم وأماالخروج معهم فليس بهذه المرتبة من إظهار الكفر لجواز أن يدعوا أن خروجهم معهم لمابينهممنالصداقة الدنيوية لا للموافقة في الدين ونوقش في ذلك وجواب إن محذوف و لننصرنكم جواب قسم محذوف قبل إن الشرطية وكذا يقال فيما بعد على ما هو القاعدة المشهورة فيما إذا تقدم القسم على الشرط والله يشهد إنهم لكاذبون
11
- في مواعيدهم المؤكدة بالإيمان وقوله تعالى : لئن أخرجوا لا يخرجون معهم إلى آخره تكذيب لهم في كل واحد من أقوالهمعلى التفصيل بعد تكذيبهم في الكل على الإجمال ولئن قوتلوا لا ينصرونهم وكان الأمر كذلك والإخبار عن خلقهم في الميعاد قيل : من الإخبار بالغيب وهو من أدلة النبوة وأحد وجوه الإعجاز وهذا مبني علىأن السورة نزلت قبل وقعة بني النضير وكلام أهل الحديث والسير على ما قيل : يدل على خلافه
وقال بعض الأجلة : إن قوله تعالى : يقولونلئن أخرجتم الخ من باب الإخبار بالغيب بناءا على ما يروى أنعبد الله بن أبي دس إليهم لا يخرجوا فأطلع الله تعالى رسوله عليه الصلاة و السلام على ما دسه ولئن نصروهم على سبيل الفرض والتقدير ليولن أي المنافقون الأدبار فرارا ثم لا ينصرون
12
- بعد ذلكأي يهلكهم الله تعالى ولا ينفعهم نفاقهم لطهور كفرهم أو ليولن أي اليهود المفروضة نصرة المنافقين إياهم ولينهزمن ثم لا ينفعهم نصرة المنافقين وقيل : الضمير المرفوع في نصروهم لليهود والمنصوب للمنافقين أي ولئن نصر اليهود المنافقين ليولي اليهود الأدبار وليس بشيء وكأنهدعا قائله إليه دفع ما يتوهم من المنافاةبين لا ينصرونهم ولئن نصروهم على الوجه السابق وقد أشرنا إلى ذلك من غير حاجة إلى هذا التوجيه الذي لا يخفى حاله لأنتم أشد رهبة أي أشد مرهوبية على أن رهبة مصدر من المبني للمفعول لأن المخاطبين وهم المؤمنون مرهوب منهم لا راهبون في صدورهم من الله أي رهبتهم منكم في السر أشد مما يظهرونه لكم من رهبة الله عز و جل وكانوا يظهرون لهم رهبة شديدة من الله عز و جل ويجوز أن يراد أنهم يخافونكم في صدورهم أشد من خوفهم من الله تعالى لشدة البأس والتشجع ما كانوا يظهرون ذلك قيل : إن في صدورهم على الوجه الأول مبالغة وتصوير على نحو رأيته بعيني ذلك أي ما ذكر من كونكم أشد رهبة في صدورهم من الله تعالى بأنهم بسبب أنهم قوم لا يفقهون
13
- شيئا حتى يعلموا عظمة الله عز و جل فيخشوه حق خشيته سبحانه وتعالى والمراد بهؤلاء اليهود وقيل : المنافقون وقيل : الفريقان لا يقاتلونكم