كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
تبرأ منه وقال له ما قال فذلك قوله تعالى : كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر الآية وهذا الرجل هو برصيصا الراهب وقد رويت قصته على وجه أكثر تفصيلا مما ذكر وهي مشهورة في القصص وفي البحرإن قول الشيطان : إني أخاف الله كان رياءا وهو لا يمنعه الخوف عن سوء يوقع فيه ابن آدم وقريء أنابريء وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وسليم بن أرقم فكانعاقبتهما بالرفع على أنه اسم كان وأنهما الخ في تأويل مصدر خبرها على عكس قراءة الجمهور
وقرأ عبد الله وزيد بن علي والأعمش وابن أبي عبلة خالدان بالألف على أنه خبر إن وفي النار متعلق به وقدم للأختصاص وفيها تأكيد له وإعادة بضميره وجوز أن يكون في النار خبر إن و خالدان خبر ثانيا وهو في قراءة الجمهور حال منالضمير في الجار والمجرور يأيها الذين آمنوا اتقوا الله في كل ما تأتون وتذرون ولتنظر نفس ما قدمت لغد أي أي شيء قدمت من الأعمال ليوم القيامة عبر عنه بذلك لدنوه دنو الغد من أمسه أو لأن الدنيا كيوم الآخرة غده يكون فيها أحوال غير الحوال السابقة وتنكيره لتفخيمهوتهويلهكأنه قيل : لغد لا يعرف كنهه لغاية عظمه وأما تنكير نفس فلاستقلال الأنفس النواظر كأنه قيل : ولتنظر نفس واحدة في ذلك وفيه حث عظيم على النظر وتعيير بالترك وبأن الغفلة قد عمت الكل فلا أحد خلص منها ومنه ظهر كما في الكشف أن جعله من قبيل قوله تعالى : علمت نفس ما أحضرت غير مطابق للمقام أي فهو كما في الحديث الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة لأن الأمر بالنظر وإن عم لكن المؤتمر الناظر أقل منالقليل والمقصود بالتقليل هو هذا لأن المأمور ولا ينظر إليه ما لم يأتمر وجوز ابن عطية أن يراد بعد يوم الموت وليس بذاك وقرأ أبو حيوة ويحيى بن الحرث ولتنظر بكسر اللام وروي ذلك عن حفص عن عاصم وقرأ الحسن بكسرهاوفتح الراء لام كي وكان المعنى ولكن تنظر نفس ماقدمتلغد أمرنا بالتقوى واتقوا الله تكرير للتأكيد أو الأول في أداء الواجبات كما يشعر به ما بعده من الأمر بالعمل وهذافي ترك المحارم كما يؤذن به الوعيد بقوله سبحانه : إن الله خبير بما تعملون
18
- أي من المعاصي وهذا الوجه الثاني أرجح لفضل التأسيس على التأكيد وفي ورود الأمرين مطلقين من الفخامة ما لا يخفى وقيل : إن التقوى شاملة لترك مايؤثم ولاوجه وجيه للتوزيع والمقام مقام الإهتمام بأمرها فالتأكيد أولى وأقوى وفيه منع ظاهر وكيف لا والمتبادر مما قدمت أعمال الخير كذاقيل ولعل من يقول بالتأكيد يقول : إنقوله سبحانه : إن الله خبير الخ يتضمن الوعد والوعيد ويعمم ما قدمت أيضا ولعلك مع هذا تميل للتأسيس